Al Jazirah NewsPaper Sunday  14/12/2008 G Issue 13226
الأحد 16 ذو الحجة 1429   العدد  13226
من راقب الناس!!
يوسف بن محمد العتيق

لو قلت إن أكبر عائق يمنع الكثير من الكتاب من نشر مشاركاتهم أو نتاجهم العلمي ليس مانعاً علمياً لما أبعدت -وللأسف- عن الصواب، إذا كانت الوثيقة عائلية يخشى ناشرها كلام الناس، وإذا كان أحدهم يحتفظ بأشعار أو مواقف ومرويات لوالده أو جده ولديه شغف بنشرها فإنه سرعان ما يتردد في نشرها بسبب خشيته من حديث الناس وتفسيراتهم الخاطئة.

ولأبتعد عن التنظير قليلاً لأسوق لكم مثلاً وقف عليه كاتب هذه الأسطر بنفسه، إحدى الشخصيات الوطنية ومحل اتفاق الجميع على مكانته وجهوده الكبيرة التي تذكر فتشكر وله بصمات واضحة لاسيما في مجاله الذي أبدع فيه وهو خدمة المجتمع مقتنع بأهمية توثيق سيرته، وليس لديه تحفظ على مثل الدراسات التي توثق مسيرة شخصيات أخرى، بل يشارك بالكتابة عن الآخرين، لكن إذا أتى الحديث عن نفسه ومسيرته فإن التحفظ سيد الموقف (!) وليس للتحفظ من سبب سوى خشيته من حديث الآخرين أو تفسيراتهم الخاطئة لموافقته على توثيق سيرته مع أن سير الشخصيات العامة هي جزء من تاريخنا الوطني الذي يجب أن يوثق، وهذا الشخص ستوثق وتكتب أعماله عاجلاً أو آجلاً فكونه توثق مسيرته باطلاع وبعلمه فإن ذلك ادعى لأن تكتب مسيرته بطريقة ترضيه هو حتى لا تكتب سيرته فيما بعد بطريقة تكون محل تحفظه أو لا تكتب سيرته نهائياً، ومن ثم تذهب بعض القصص والمواقف التي يجب أن تروى عنها وأن تكون سبيلاً للدعاء والأجر وحسن الذكر.

لست بحاجة للتأكيد على أن كثيراً من الناس الذين نخشى تفسيراتهم الخاطئة أو نقدهم غير الموضوعي لأعمالنا هم بالآخر يسيرون فيما أرادوا عمله ولا يلتفتون لغيرهم!

تجولت في آثار إحدى القرى القديمة وكان رفيقي يشرح لي عن شخص من الأعيان تولى تنظيم بناء سدود وحواجز وجسور لتنظيم سقيا المياه في قريته قبل قرن من الزمان تقريباً وله جهود مذكورة في هذا المجال، وكان صاحبي يتحدث بحماسة عن هذا المحسن الكبير لكن الحديث كان ثنائياً وشفهياً وأنا على يقين بأنه بعد سنوات قليلة لن يجد هذا المحسن من يتحدث عنه أو يعدد إنجازاته، كما لو كان هذا العامل موثقاً في كتاب للأجيال القادمة. هل يعي بعض من تعنيه هذه الرسالة أن: من راقب الناس مات همّاً؟!.

فاكس 2092858


tyty88@gawab.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6288 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد