Al Jazirah NewsPaper Monday  15/12/2008 G Issue 13227
الأثنين 17 ذو الحجة 1429   العدد  13227

(ليس مَن يقطع شَعيباً بطلاً!!)
عبدالله إبراهيم حمد البريدي

 

(حذرت المديرية العامة للدفاع المدني جميع المواطنين والمقيمين من التعرض لأخطار الأمطار والسيول خاصة هذه الأيام التي تشهد تراكم سحب متفرقة على مختلف مناطق المملكة وهطول أمطار غزيرة وسيول جارفة).

(حذرت المديرية العامة للدفاع المدني الجميع من خطورة استخدام أجهزة الاستقبال خصوصاً الهواتف الجوالة أثناء هطول الأمطار وتحديداً في المرتفعات الجبلية، ودعت إلى أخذ الحيطة والحذر أثناء التنزه وقت هطول الأمطار، وحذرت من الوجود في بطون الأودية).

(نظراً لكثرة الاحتجازات التي تعرض لها عدد من المواطنين والمقيمين -هداهم الله- داخل الأودية وخارجها عند خروجهم للتنزه فإن المديرية العامة للدفاع المدني تهيب بكافة الإخوة المتنزهين الابتعاد عن مجاري السيول وتجمعات مياه الأمطار حفاظاً على سلامتهم، خاصة والأجواء ما زالت مهيأة لسقوط الأمطار على بعض مناطق المملكة).

ما سبق من عِبارات مقوسة ما هي إلا القليل من صيغ التحذير والتنبيه التي لم ولن يتوقف الدفاع المدني عن بثها بين حين وآخر في كل وسائل الإعلام بلا استثناء، وذلك تحذيراً من خطر الاقتراب من أماكن تجمع مياه الأمطار في البراري وخصوصاً ما اعتاد الناس الذهاب إليه عند هطول الأمطار من شعيب أو سد أو واد في أنحاء المملكة.

لكن هل اتبع بعض الناس هذه التحذيرات ووعوا خطورة ما يقومون به من تصرفات هوجاء ورعناء، وتهور يحسبونه شجاعة وبطولة؟

لقد غرق أفراد، وكادت تغرق أسر في شعيب أو مستنقع أمطار عميق بسبب اغترار رجال بمعلوماتهم عن هذا المكان أو ذاك، وبارتياده لهذا الشعيب أو الطريق مرات ومرات، ولا يعلمون أن أي مكان قبل المطر يختلف عنه اختلافاً جذرياً بعض المطر، فكون المرء لُقِّب (طير البَر) لا يعني ضمان سلامته من خطر غرق وموت عندما يتهور ويدخل مكاناً بسيارته لا يدخل فيه إلا قارب أو سفينة فقط!!

كما أن العقل درجات، فإن الجنون دركات!

فمن يُعَرِّض نفسه للخطر، أثناء استعراضه في اقتحام مجرى ماء أو شعيب، فيدخل لوحده، فهذا جنون وتهور وليس شجاعة كما أسلفت، ولكنه يظل أقل من جنون وتهور مَن يقتحم الشعيب ومعه أسرته، فما ذنبهم؟

في هذا المقام أستأذن الشاعر ابن الوردي القائل:

ليس مَن يقطع طرقاً بطلاً / إنما مَن يتقي الله البطل

لأعدِّل في بيته المشهور وأقول:

ليس مَِن يقطع (شَعيباً) بطلاً / إنما مَِن سار على الدرب وصل!

تحية لرجال الدفاع المدني، وشكر لهم بعد شكر الله تعالى على ما يقومون به من جهود جبارة تفوق ما لديهم من إمكانات أحياناً، لإنقاذ مَِن تاه أو علق أو كاد يغرق في جميع أنحاء المملكة، ولا نقول إنهم بلغوا الكمال في عملهم، ولكن في الوقت نفسه لا نبخسهم حقهم، فهم جديرون بالشكر والثناء. إن مساحة بلادنا أكثر من مليوني كيلومتر، وهذه المساحة الشاسعة بحسب علمي أكبر من مساحة فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا بكثير، وتنتشر فيها الأودية والشعاب، فهناك مَِن يحصل منه تقصير من رجال الدفاع المدني شأنهم شأن غيرهم من موظفي أجهزة الدولة، وهذا حاصل في كل دولة، وخصوصاً في أوقات المواسم، لكن ألا نذكر ما يقع من بعضنا من أخطاء وعدم اتباع للتحذيرات والتنبيهات، وبالتالي يتعرضون لأخطار كان بالإمكان تجنبها؟

إشارات:

يقول أبو العتاهية:

ترجو النجاةَ وَلم تسلك مَسالِكها

إِنَّ السَفينة لا تجري عَلى اليَبَسِ

لا تأمَن الحَتفَ فيما تستلِذ وَإِن

لانت مَلامِسهُ في كفِّ مُلتمِسِ

Al-boraidi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد