Al Jazirah NewsPaper Monday  15/12/2008 G Issue 13227
الأثنين 17 ذو الحجة 1429   العدد  13227
بوفاتها دمع الجدار قبل أهل الدار
أحمد بن سليمان العدل

كانت في رحم أمها فرحة بها مسرورة بقدومها المنتظر تعقب أختاً لها وأخاً ثم يأتي المخاض وتخرج تلك المولودة للدنيا ولكن.. وماذا بعد لقد دمعت العين بمقدمها فرحاً ثم ما لبثت أن دمعت العيون بحال صحتها حزناً غير أن أمر الله لا راد لقضائه وربك يخلق ما يشاء ويختار.. لقد كانت تلك المولودة القادمة تنظر لا تتكلم لا تتحرك ربما لا تسمع، ترى في عينيها فرحاً وفي أطرافها أنساً وطرباً حين يفرح الناس..!! حينها تقهقرت دموع عين الأم المكلومة بأمر من قلب عطوف ففتحت لها ذراعيها وقالت بلسان حالها حملتك في الرحم تسعة أشهر في ظلمات ثلاث، أما وقد رزقت فكيف أكف عنك النظر..؟ كلا والله لا تقولها نفسي ولا تنبس بها شفتاي نعم إنها قوة الإرادة وصلابة الإيمان وعطف الأم الرحوم الرؤوم الحنون، أم لا كالأمهات أم تعرف معنى الأمومة والحنان، أمها ترعاها وهي أشبه ما تكون بالجثة الهامدة غير أنها بالعين تنظر وبالشفتين تبتسم، نظرت أمها إليها بعين الرحمة والحنان وحملتها بذراع العطف والجنان وقالت لهم دعوني وابنتي إنها محبوبتي إنها أنسي وشوقي وثمرة فؤادي لم تسمع لهم حينما همسوا بأذنها وقالوا لماذا لا تتولاها دور الرعاية المنتشرة في مملكتنا الغالية..؟؟ فأبت فيها الحمية ورفض منها قلب الأم المكلوم وقالت إن في رؤيتها أنساً وفي خدمتها شرفاً وفي رعايتها أملاً وفرجاً، لقد مكثت أمها ترعاها لأكثر من عقدين من الزمن لم تضجر من الخدمة ولم تكل من الرعاية لقد دمجتها في المجتمع رغما عن أنف الذين لا يريدون ذلك لقد كانت تحملها على اكتافها سني طويلة ولم تكن تخجل من إحضارها في المناسبات العامة والخاصة بل إنها تفخر بها وتقول بلسان حالها ومقالها بنيتي مثل بنات الناس لها الحق في الفرح والانبساط ويشاء الله ولا راد لمشيئته أن تمرض تلك البنية الرقيقة -حصة صالح إبراهيم العييري- وتدخل المستشفى تحت رعاية الله ثم عناية أمها الحنون ثم ما تلبث أن تخرج لينفذ أمر الله أن تشهد جدران البيت قبل أهله وفاتها في غرفتها الخاصة تحت نظر تلك الأم المثالية التي كانت بجوارها وقت خروج روحها الطاهرة الزاكية.. هنا فقط تبكي جدران عايشت ذلك القلب الرقيق والابتسامة الهشة والنظرات التي كان يحدوها الأمل وتشرئب لها الحياة لقد ماتت حصة فتفطر قلب أمها واشتد حزن أبيها على فقدها لماذا..؟؟ لأنهم اعتادوا معايشتها وأنسها وابتسامتها.. لست تصدق كيف كان بكاء أبيها وشدة حزن إخوتها عند الدفن لقد ماتت حصة التي لا يصدق أن يقال عنها إنها معاقة إنما المعاق الذي تعيقه أعماله الخيّرة عن الدار الآخرة أن المعاق أم تتخلى عن ولدها لرعاية نهارية أو ليلية وإن كنا لا نقلل من قدرها غير أن الواجب أن تكون للحاجة فقط كمن لا عائل له أو نحو ذلك أن المعاق هو أب غض طرفه عن أولاد يهيمون ولا يدرون إلى أين هم ذاهبون هنا فقط تعرف وتتعرف على الإعاقة ليست الإعاقة إعاقة الحركات بقدر ما هي إعاقة الفكر والعقل ولو كانا صحيحين، فرحم الله حصة وأسبغ عليها في قبرها شآبيب رحمته وجعلها شفيعة لأم حانية وأب رحوم وإخوة كانت دموعهم تسبق أنفاسهم يوم وداعها.. وأجدد عزائي الحار الصادق لك أيها الأب المكلوم المفجوع ولأحمد وعبدالملك ومحمد وعبداللطيف وللعائلة أجمع والحمد لله على قضائه وقدره و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}وهنا لنتفكر قليلاً ونتساءل من هو المعاق..؟.

- بريدة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد