Al Jazirah NewsPaper Monday  15/12/2008 G Issue 13227
الأثنين 17 ذو الحجة 1429   العدد  13227
الزحام المروري مشكلة فكرية.. وليست مرورية
ماجد الشمري

يسعدني أن أعرب في بداية حديثي عن خالص مودتي وصدق محبتي للواء البشر ولساعده العقيد المقبل، اللذان يسعيان هما ومن يعمل في مرور الرياض في سعيهم الحثيث للحدث من الاختناقات والحوادث التي هي قدر الله، وفعل الأسباب المتعددة التي هي كذلك من قدر الله رغم ما نشهده من تحديات متنامية وظروف صعبة.

الزحام المروري أيها الأحبة من وجهة نظري ليس مشكلة مرورية بحتة، ولكن نسبة كبيرة سببها تفكير البشر وعمق نضج عقولهم، وإليكم الأدلة:

- ألا ترون كيف يتسابق الناس بعد انتهاء إمام الجمعة من الصلاة إلى الأبواب والتذمر الواضح على تقاسيم وجوههم، الهدف واحد وهو الوصول إلى باب الخروج رغم وجود أكثر من منفذ لكن تجد الناس تتسابق للخروج وكأن الجميع يحمل شعار نفسي نفسي وأريد تحقيق مصلحة نفسي. لو انتظر البعض قليلاً وتوزع البعض على الأبواب لخف الزحام.. لكن أهل العقول في راحة.

- ألا ترون كيف يتسابق الناس إلى البنوك للاكتتاب أو لسداد الفواتير أو للتحويل ويصنعون بذلك زحاماً ثم يتذمرون من ذلك من سوء الخدمات التي يقدمها المصرف. وإن كان هناك إمكانية في تحقيق مراد الغالب منهم عن طريق القنوات الأخرى كالصراف أو الهاتف أو الإنترنت.. لكن أهل العقول في راحة.

- ألا ترون تدافع الناس لشراء أدوات المدرسة قبل الدراسة بيوم، أو التراكض للأسواق في العشر الأواخر للانتهاء من أغراض العيد، أو التنزه في الثمامة وكأنه ليس لدينا تنزه إلا في الثمامة وحتى الطفل الصغير تجده يقول لأبيه (بابا نبي نروح للثمامة) لو أن هؤلاء الأصناف تقدموا بوقت كاف للتسوق، أو استفسروا عن أماكن أخرى للتنزه لما ضاقت الأسواق والشوارع والمنتزهات بالناس، وتضجرت العوائل من ذلك.. ولكن أهل العقول في راحة.

- ألا ترون كيف يكون خروج الناس في الصباح الباكر وسلوك غالبيتهم طريق واحد مع أن بإمكانهم سلوك طرق بديلة فتجد هناك خمسة طرق سريعة من الشرق للغرب والعكس كأصابع اليد توصلك إلى مبتغاك في وقت أقل من المعتاد (طريق الدمام، مخرج 9، الملك عبدالله، خريص، سعد عبدالرحمن الميه سابقاً) وتجد غالبية البشر تسلك طريق خريص، ثم يأتيك التذمر والتضجر من زحمة الشوارع ومن المرور ومن (أبو شرارة).. لكن أهل العقول في راحة.

- ألا ترون كيف يتجمهر بعضنا حول الحوادث وكيف يعيق بعض أهل (الزفات) للأعراس الطرق كما هو الحال في المواكب الرسمية، وبذلك نصنع زحاماً في الشوارع الرئيسية والفرعية بسبب عقولنا ثم نشكو من المرور والسبب منا.. ولكن أهل العقول في راحة.

- ألا ترون وضع الجهات الحكومية والوزارية في وسط البلاد وانطلاق المئات من الناس صوبها ثم نتطاول ونشجب ونستنكر عمل المرور وعدم وضع حلول لهذا الزحام والاختناق المروري وكأنهم المعنيون في الأمر، ولا نلوم التخطيط والبلدية الذين بفكرهم كانوا هم السبب في ذلك.. لكن أهل العقول في راحة.

- ألا ترون كيف تم تصميم شوارعنا الرئيسية وحولها الأراضي السكنية والتجارية بطريقة بدائية، وتصميم الشوارع المهمة كخريص لأربع مسارات فقط وإن تطفل البعض منا على مسار الطوارئ فهذا خامس، وكأنه إن زدت الطريق إلى 8 مسارات كما في بعض الدول المتقدمة فكرياً لن تجد ما تبني به الأراضي والناطحات ولدينا أكبر ربع خال وهو على مسماه خال. ثم نأتي ونقول المشكلة من المرور ونتناسى التخطيط الذي يبدو أنه تجاهل أن الأمهات تخرج للدنيا أضعاف من يرحل منها. ولكن أهل العقول في راحة.

وقبل أن أودعكم أحبتي كل الصور الآنفة الذكر هي تجسيد لظاهرة الازدحام الذي نحن من صنعه ونحن من تضجر منه.

وإن كان هذا لا يعفي إدارة المرور الرائدة من أن تتحمل جزءا من المسؤولية، لكنه من الظلم والتعدي أن نضع كامل عتبنا موجها إلى دائرة أهم مهامها تنظيم السير ومعالجة الحوادث والحد من الوفيات ويأتي تبعاً لهذا كله فك الاختناقات الناتجة من عقول بعض البشر وتصميم وتخطيط من العقول الأخرى.. ولكن.. ويبقى أهل العقول في راحة.



m.alshammry@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد