تعجبني كثيراً كتاباتك وطريقتك الحكيمة في حل المشاكل، فأنا انتظر يومي الجمعة والاثنين؛ لأطلع على صفحتك الخاصة جزاك الله خيراً.
لي صديقة تقول إنها سمعت أختها الصغيرة وهي ذات 7 سنوات تقول لأخيها الصغير 5 سنوات إن أخاها الكبير 24 سنة يتحرش بها جنسياً، أي يتحرش بأخته الصغيرة، ووصفت له ذلك، وتقول (هذا سر، لا تُعلم أحداً)، فثارت صديقتي ودخلت عليهما وسألتها لتتأكد هل هذا الكلام صحيح أم لا، فبكت الصغيرة وهربت، فسألت أخاها الصغير فقال (قالت لي كلام مو بزين).. فلما أعادت السؤال أخبرها بما قالت.
صديقتي الآن حائرة ماذا تفعل لو أخبرت والدها لساءت العلاقة بين والدها وأخيها الكبير، فلا تعلم كيف تتصرف فتحفظ شرف أختها وكيف تبعد أخاها الكبير عن أختها، وتبعد عنه هذه الأفكار، وكذلك هي خائفة على أخيها الصغير أن تتحول هذه المعلومات في عقله إلى أفكار ثم إلى أفعال.
ولكِ سائلتي الكريمة الرد:
من أشد مآسي الحياة أن يموت شيء في الإنسان وهو على قيد الحياة، وما أعظم إن كان ذلك الميت هو الأمانة والإيمان!!
وأنا أقرأ أمثال تلك المشكلات المخيفة أجدني في حالة من التقزز والحنق عظيمة؛ فلا شيء يؤسف له إذا خان من اؤتمن، وروّع من يظن أنه مصدر للأمان، وقل على الدنيا السلام إذا انتحرت الأخلاق على عتبة الشهوة البهيمية.. وعموما أول ما أنصح به في هذا الموضوع هو التثبت والتأكد، ولا بد من استنطاق صاحبة الشأن في الأمر، فإذا كان الخبر صحيحا فأوصي بأن يتولى مهمة الحديث معه أحد الإخوة أو الأخوات من ذوي الشخصيات القوية ومن يملك القدرة على ردع هذا الأخ وتذكيره بالله والتشنيع عليه وعلى فعله القبيح بشكل سري وتهديده لو تكرر الأمر بإيصاله إلى الوالدين وفضحه أمام الكل، كما أنصح أن يعمل على حث الوالدين على تزويجه وتحصينه، وإن تعذر وجود من يتولى المهمة فلا أجد مخرجا إلا بإبلاغ الأب؛ فالجرم عظيم، والسلوك قبيح، ويبقى الأب هو الأقدر على صد الاعتداء وردع الجاني.
ويبقى الطرف الأهم في الموضوع، وهو المعتدى عليها، وأشير بما يأتي بشأنها:
1- متابعتها وإبعادها عن الاختلاء مع الأخ؛ فلا يترك معها بمفرده أبدا.
2- مفاتحتها والحديث معها في الموضوع، حيث يؤكد علماء النفس أهمية هذا الحديث في تحرير الطفل من أي ضغط أو تهديد يمكن أن يكون المتحرش قد مارسه عليه حتى يمنعه من الإفصاح عن الحادثة.
3- الثناء عليها كونها أفصحت عن الموضوع وطمأنتها بأنها ستلقى الحماية الكاملة.
وللوقاية من تلك الجرائم البشعة أنصح بما يأتي:
1- إشاعة أجواء الصراحة والحوار والأمان داخل الأسرة وتربية الصغير على الحديث وعلى ألا يكون لديه (سر) يخفيه عن والديه، وتشجيع الصغار على الحديث عن كل ما يزعجهم والتعبير عن مشاعرهم وتقبلها من قبل الوالدين دون محاكمة أو تعنيف.
2- الحرص على التثقيف الجنسي داخل الأسرة؛ حيث نعلم الأولاد مفاهيم العورة والطهارة، ونوضح لهم وبشكل حاسم أن رؤية ولمس العورة مناطق محظورة لا يسمح لكائن من كان الوصول إليها.
3- تربية الصغار على عدم السكوت في أي موقف غير مريح وأن يرفض ويصرخ ويقول (لا) بأعلى صوته، وضرورة أن يخبر والديه بمثل هذه الأوضاع والمواقف.
4- ضرورة معرفة أماكن تواجد أطفالنا، ومع من يجلسون أو يلعبون، وألا نتركهم لزمن طويل، ونحن لا ندري عن أحوالهم شيئا.