Al Jazirah NewsPaper Wednesday  17/12/2008 G Issue 13229
الاربعاء 19 ذو الحجة 1429   العدد  13229
تحرير الميدان التربوي من طريقة الحفظ والتلقين
محمد إبراهيم فايع

المتأمل في شأن التربية والتعليم وحركته المستمرة يدرك بأن التوجه والرغبة دائماً عند ولاة الأمر -يحفظهم الله- وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده هو الارتقاء بكل عملياته وعناصره للمستوى المرموق وأبلغ دليل هو ما يلقاه التعليم من دعم وما يطرح فيه من تجارب ومشروعات وصولاً إلى الأمل المنشود، ومن ذلك مشروع خادم الحرمين الشريفين (تطوير) والذي بلغ حجم دعمه 9 مليارات.

وهو ما يعمل من أجله المسؤولون على التربية والتعليم في البلاد والمنصف لقراءة الميدان التربوي سيقر بأن هناك جهوداً حثيثة لا يمكن إنكارها، وقد تحدث أخطاء وعقبات نتيجة أن الجهود عمل بشري واحتمال الأخطاء وارد ولكنها غير متعمدة، وأنه يقابلها تصميم وإرادة وتحدٍّ، وهذا يكفي إلا أن عادة من يرقب تلك الجهود وهو لا يخوض غمارها يتعجل ويريد من أهل التربية أن يقفزوا في خططهم بدلاً من أن يسيروا ويضخم الأخطاء حتى كأن كل شيء انتهى تماماً وبالتالي من السهل على من هذا أسلوبه أن يلغي الجهود برشقة قلم ثم يقول (التعليم ضائع).

ولكن دعوني اتجاوز هذا الكلام إلى نقطة تتعلق بالمعلم وطرائق التدريس وتحديداً إصرار بعض المعلمين على أن يبقى رهن طريقة واحدة تعتمد (الحفظ والتلقين)، ولو زار أحدنا مدرسة ما لسمع من لايزال يدور بين صفوف طلابه رافعاً صوته بكلمات أو جمل وهم يرددون خلفة، ولو أمعنّا النظر لوجدنا كل طالب في وادٍ فقط (يرددون بما لا يدرون). هنا نستطيع أن نقول إننا في مشكلة وأين؟ داخل الصف.

طريقة الإلقاء أو التلقين التي تعتمد فيما بعد الحفظ هي إحدى طرق التدريس السابقة والتي لم تعد صالحة في عصرنا، عصر تسابق المعلومات وتفجرها في لحظات، ولنكن دقيقين قد نلجأ إليها بعض الأحيان وفي بعض المواد ولكن ليست على الدوام فنتحول إلى طريقة وحيدة يستخدمها المعلم في الرياضيات والقواعد والجغرافيا وهكذا، فهي طريقة في التدريس ولكنها طريقة جامدة البعد عنها أسلم، سبق أن أشرت في لقاءات عمل ومقالات إلى أن من أسباب تمسك المعلمين بعض المعلمين وليسوا كلهم بطريقة الحفظ والتلقين:

1- جهود المعلم وعدم استعداده لتطوير ذاته ورفع قدراته فهو يأخذ بالسهل والأسهل.

2- رغبة المعلم في البقاء مع الأساليب القديمة خوفاً من التغيير، والجديد لهذا فهو يقاوم كل جديد خشية مما قد يترتب عليه من مجهودات وإحضار وسائل وأساليب تتطلبها الأساليب الحديثة.

3- ضعف إعداد المعلم سواء في الكلية التي يتخرج منها أو عند نزوله إلى ميدان التدريب وضعف الإشراف عليه من قبل مدير المدرسة التي يتدرب فيها أو من الدكتور المشرف عليه من الجامعة والذين يكتفى بزيارة عادية للمتدرب لا تعتمد مقاييس معينة موضوعية في قياس جهد المعلم وأدائه، ويكتفي فقط بتوجيهات عامة قد لا تكون كافية لتوجيه الطالب نحو الأفضل.

4- ضعف متابعة المعلم من قبل مدير المدرسة والمشرف التربوي واكتفاؤهما بتسجيل توجيهات قد لا يكون تجاوب المعلم معها أكثر من قوله (حاضر ونعم) دون تنفيذ ودون متابعة لمعرفة مدى التنفيذ.

5- ضعف إمكانات بعض المدارس وضيق فصولها واكتظاظها بطلاب مما يحد من قدرة المعلم على أداء العمل بالشكل المطلوب، لهذا فهو يلجأ إلى التدريس بالطريقة الأسهل إلقاء ومحاضرات ثم تشجيع.

6- ضعف البرامج التدريبية المقدمة للمعلم بعد أن أصبح معلماً فإما إنها لا تلبي احتياجه أو لقناعته بعدم جدواها، ومادامت العلاوة باقية ويمكنه الحصول على تقدير ممتاز. فلِمَ العناء؟

* ومن طرق معالجة مشكلة إصرار المعلمين على طريقة الحفظ والتلقين:

1- تفعيل دور مدير المدرسة (كمشرف مقيم) حتى يستطيع أن يساعد المعلم الذي ينحى منحى الحفظ والتلقين في تدريسه ويقدم له البرامج العلاجية المناسبة وذلك بتأهيله لممارسة هذا الدور وتخفيف الأعباء الإدارية التي قد تثقل كاهله، ومن فضل الله أن لدينا مديرين أصحاب خبرات ثرية.

2- التزام المشرف التربوي الزائر بمعايير صادقة عند تنفيذ الزيارة الصفية تكشف له جوانب القوة عند المعلم وجوانب الضعف وبالتالي يستطيع أن يقدم للمعلم الاحتياج التدريبي اللازم سواء ما يتعلق بالتدريس أو إدارة الصف أو توظيف السبورة أو توظيف الكتاب المدرسي أو غير ذلك، وكلما ركز المشرف التربوي على هدف محدد أو هدفين أثناء زيارته للمعلم يراها أبرز ما يحتاجه المعلم كان هذا أفضل في إعطاء المعلم ما يحتاجه وتوثقت العلاقة بين الطرفين (المعلم - المشرف).

3- تفعيل أسلوب تبادل الزيارات بين المعلمين وأراه الأسلوب الأمثل في تبادل الخبرات ولم يندم المعلمون على تفريطهم لأسلوب كندمهم على التفريط فيه، ونجاح تبادل الزيارات يحتاج إلى أخذه بجدية وبعيداً عن الروتين أو إلزام المعلم بتعبئة استمارة مكونة من 20 خانة وإنما يكتفى بورقة أو استمارة مكونة من خانتين (ماذا استفدت، ملحوظة للزميل) وبيانات كل من المعلم المزور والزائر فقط وأن تدخل نتائجها في اجتماعات المدرسة وطرحها للحوار.

4- الارتقاء بأساليب تدريب المعلمين المحتاجين سواء قام به المشرف التربوي الزائر للمدرسة أو مشرف التدريب وأقصد لا يمكن أن أطلب من معلم أن يعتمد طرائق متقدمة في التدريس تهتم بعقل الطالب وتستدعي تفكيره والتدريب أو المدرب يفتقد إلى وسائل التدريب أو غياب البرامج التي ستكرس مفهوم التدريس الحديث الذي يأخذ بأساليب التفكير ويحرر المعلم والطلاب من قيود الطرائق القديمة التي لا ترى في طلابنا أكثر من آلات تسجيل.

5- تشجيع المعلمين وهم كثر الذين يدرسون بطرائق إبداعية مثل استكشاف، حوار، استقراء جل المشكلات، وتشجيعهم بشهادات شكر وتقدير وتكريم واستثمارهم في إقامة مناشط تدريبية للمعلمين بالمشاركة مع المشرفين التربويين في تنفيذ الأساليب الإشرافية وأن يتم دعم فصول هؤلاء المعلمين بالتجهيزات اللازمة التي تزيد من فاعلية طرائقهم لينفذوا أساليب التعلم التعاوني والمجموعات.

6- الإكثار من إقامة مدارس نموذجية في كل قطاع داخل كل منطقة تعليمية وأن تطبق فيها الأساليب الحديثة في التدريس في إدارة الصف في الإعداد الكتابي في ضوء الأهداف في قاعات المعلم في حوسبة المناهج، ويتم الإشراف عليها وتحويلها إلى ما يشبه قاعات تدريب يزورها المعلمون مع مشرفيهم للاطلاع واكتساب الخبرات ومن ثم نقلها إلى مدارسهم حتى تتحول مدارسنا بأكملها إلى مدارس متطورة.

خميس مشيط



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد