Al Jazirah NewsPaper Wednesday  17/12/2008 G Issue 13229
الاربعاء 19 ذو الحجة 1429   العدد  13229
محمد العلي الفهد الرشودي
حفيدك - بندر أحمد محمد الرشودي

مع دموع في القلب تكاد لا تتوقف ومع حسرة كبرى وألم أكبر.. ومع شعور عميق بفقد من لا يمكن أن يعوض... فقدنا والدنا العملاق.. الرجل الكريم الشهم المتواضع ذو الأخلاق الفاضلة والرؤية العميقة والحنان الجم المخلص لدينه ووطنه ومجتمعه.

رحل.. فذبلت زهرات بستاننا.. بالأمس كانت يانعة.. خبا صوته المفعم بالآمال.. بالأمس كان عاليا.. لقد فجعت بريدة بل القصيم برحيله.. ففطرت لنا قلوب.. وتصدعت لنا أكباد.. ما أصعب الموت عندما ينقض علينا فيترك في عقولنا وقلوبنا جرحا عميقا يصعب أن يندمل.. قلمي توقف حائرا لم يستطع.. ماذا يقول.. تعثرت كلماته.. بدا عاجزا.. عسيرا.. عن وصف فاضل بلغ السها.. عن سيد كان طودا شامخا.. كان للدين الحنيف محاميا.. كان بدرا به نور الحقيقة زاهيا.. فلنوره الوضاء فيه هداية.. كان يبدي النصائح مرشدا إخوانه... فترى الجميع عنه راضيا.. رجل بسيماه البشاشة والهدى كان شهما كريما.. كان أريحيا ساميا.. كانت سيرته ملء السمع والبصر.. هو هامة شامخة بلا غرور وبلا كبرياء.. هو طلعة بهية يكللها التواضع وحسن الخلق.. لله درك من كريم مصلح يعطي الجزيل ويسراه لا تدري عن اليمنى وما فعلت.. ترك أيتام في كل صقيع.. وفقراء ومساكين يصرخون فقدوا من يمد لهم يدا بيضاء تنقذ الهالكين... أبي هاهم الناس من حولك جاؤوك من كل حدب وصوب مودعين يبكونك في صمت بعد أن طواك الردى عنا فأضحى مزارك بعيدا بعيدا...

أبي ثكلناك فثكلنا السرور كله بعدما أخلفت الآمال وعدها وأنجزت فيك المنايا الوعيد... بالأمس كنت الحسن والخير والصوت والصورة والحضور المطلق.. واليوم أصبحت الغياب الكبير.. فكان لرحيلك وقع كوقع السراج الذي ينطفئ في سرداب معتم.. غرقت بعد رحيلك في بحر لظى، سيظل مرتديا ثوب حداد.. سيظل تغسله دموع الشقاء فيا حزننا على رحيلك أبي، ياحزننا على رحيل الشرفاء..

أبي الغالي سنذكرك كي تحيا بنا الذكرى، وما نلقاه من ذكراك ينطقنا.. ولا نلقى سوى حزن على حزن وعبرة تتلو أختها العبرة..

أرثيك أبي وأنا أحبس دموع الألم ولم يبق لي إلا أن أشكو إلى الله هذا المصاب الجلل ولا غير الله يجدينا، جئنا نقدم لأنفسنا الثكلى تعازينا...

عزائي أن الناس بمختلف مقاماتهم عرفوك خيرا لا شر فيه كنت رمزاً شامخاً لكل ما فيه خير وصلاح عرفتك منذ وعيت على الدنيا ولكنني أعترف بكامل قواي العقلية أنني عرفتك أكثر بعد رحيلك.. عرفتك في عيون الناس ومن خلال كلماتهم ودموعهم.. الأمير والمسؤول والفقير والغني كلهم آلمهم رحيلك وحكوا عنك الكثير من المواقف المشرفة التي تكتب بماء الذهب حكوها بصدق وبدون مجاملة ليحملونا نحن أبناءك وأحفادك مسؤولية عظيمة لنواصل مسيرتك العطرة أنت أيها الإنسان النادر..

نم يا أبي قرير العين برحمة من الله في جنة الخلود عليك سلام الله مني تحية سائلا المولى عز وجل أن يتغمدك بواسع رحمته وأن يلهمنا الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون...

مشرف التحرير بمكتب الجزيرة ببريدة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد