Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/12/2008 G Issue 13235
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1429   العدد  13235
شعار أوباما من أجل التغيير يسبقه تطبيقاً في بغداد!
عبدالإله بن سعود السعدون

منذ تطبيق خارطة الطريق الأمريكية في العام الأول للغزو الأنكلو - أمريكي على العراق وتخطيط وتنفيذ خبير تدمير الدولة العراقية بريمر الذي جاء بفرقة من أصدقاء أمريكا من الساسة العراقيين وصفهم بطريقة مذهبية وعرقية في فصله الأول مجلس الحكم الذي نفذ له وبكامل أعضائه الخمسة والعشرين كل قراراته التي نفت مكونات الدولة وحولتها لساحة مظلمة مخيفة من الانفلات الأمني وقودها الطائفية المذهبية العرقية وآلياتها تسليم السلطة كاملة لفئة مذهبية حاقدة متعطشة لأي نفوذ سياسي يمكنها من الانتقام لمكونات العهد البعثي الماضي وكل مواطن يعارض الوجود الاستعماري على أرض الرافدين الحرة وبكل القسوة من أجل استمرار الاحتلال الانكلو - أمريكي وتسخير جهود أصدقائهم من (بعض) المعارضين لحكم صدام حسين والمبعدين إلى إيران لجذورهم الفارسية أصبح بعد الاحتلال انتهاج استراتيجية أمريكية (مؤقتة) ومرحلية لضرورة تشابك المصالح الأمريكية الإيرانية واستطاع الإيرانيون لعب ما يسمى بالعملية السياسية التي رسمها بريمر بصورة ذكية بتثبيت كل العناصر الحزبية ذات الولاء الإيراني ومن أقوى لاعبيها ووجهوا تلك الانتخابات التي اعتمدت الاستفتاء المذهبي نحو القائمة التي تحمل 555 والممثلة لتكتل الائتلاف العراقي الشيعي الموحد لاكتساح كافة المقاعد النيابية والموصى على انتخابها من قبل المرجعية الدينية المذهبية في النجف.

ونظراً لبنود الدستور المفصل أمريكياً وإيرانياً ليجعل من ممثل هذه الكتلة المذهبية بحصولها على الأغلبية البرلمانية اختيار شخصية رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة من بين النواب الممثلين لتكتلهم السياسي المذهبي!

وكان اجتماع أوباما - المالكي في بغداد أثناء الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية وتبادلت الأفكار والآليات بشكل واضح وصريح من قبل الرئيس المنتخب أوباما حول الملف العراقي والهام لبرنامجه الانتخابي وبالذات التركيز على (وعد) الانسحاب العسكري الأمريكي خلال ستة عشر شهراً منذ تسلم أوباما السلطة في البيت الأبيض في يناير القادم واستطاع المالكي وبفترة قياسية استيعاب الدرس الأمريكي بتمويل دفة برنامجه السياسي نحو التغيير من الداخل وطالب وبصوت عال بتعديل أو حتى تغيير الدستور الحالي الذي كتب بظروف غير مستقرة وغير عادية والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار وبأي ثمن في كل جغرافية العراق وانتقد بشدة عدم تعاون سلطة اقليم كردستان ووضعهم السدود أمام سلطة الدولة الاتحادية في بغداد، وشدد المالكي على عدم تقسيم العراق على اثنين أو أكثر ولابد أن تخضع قوات البيشمركة الكردية للأوامر العسكرية من القائد العام للقوات المسلحة العراقية ووزارة الدفاع إلا أن تلك القوات الكردية رفضت الأوامر الصادرة من المالكي لترك مواقعها من منطقة خانقين التابعة لمحافظة ديالى مما حمى حرارة لهجة الخلاف المالكي - البرزاني وتبودلت التصريحات التي يشم منها رائحة الدكتاتوري في القرار بين الاثنين!.

وقد ركز المالكي في حملة التغيير السياسي المفاجئ التي تبناها مؤخراً على تحقيق التعديل المناسب للدستور العراقي بما يحقق الوحدة الوطنية الكاملة وتفسير علمي وواقعي للفدرالية الاتحادية بما يخدم اتباع الإقليم للسلطة المركزية وضم قوات البيشمركة الكردية إلى القوات المسلحة ما دامت تمولها وتقدم لها التسليح والدعم اللوجستي وأن تخضع في حركتها لأوامر القائد العام للقوات المسلحة العراقية إذا تعرض الأمن القومي العراقي لأي خطر.

ودعا المالكي لعودة منتسبي الجيش العراقي السابق والعمل على تصفية المليشيات المسلحة التي تغلغل فيها أعضاء كثيرون من جيش القدس الإيراني وأطلق عليه المالكي بالمجموعات الخاصة! مرادفاً لكل هذا برنامج إصلاح اقتصادي متكامل يوفر خدمات الكهرباء والماء الصالح للشرب وتحسين الخدمات الصحية وتخصيص ميزانية ضخمة لإنعاش الزراعة ودعم المزارعين بالقروض الميسرة لتحقيق أعلى ناتج زراعي في الأعوام القادمة بعد أن تأخرت لمراحل عديدة. وقد لاقت هذه التصريحات والوعود قبولاً واسعاً لدى الجمهور العراقي الصابر على كل الشعب العراقي الجريح. وقد يكون هذا التغيير المفاجئ للنهج السياسي الذي سلكه المالكي مؤخراً لعدة أسباب منها قد يستبق الزمن ويتماشى مع نهج التغيير الذي رفعه الرئيس الأمريكي المنتخب براك حسين أوباما في حملته الانتخابية والذي جعل من الملف العراقي مهمته الأولى وعلى رأس أولياته أيضاً المحافظة على القوات الأمريكية وسلامة عودتها إلى أرض الوطن وإيقاف نزيف النفقات المالية العسكرية الأمريكية في العراق وتحويل نفقات إعمار العراق للميزانية المالية العراقية وتحقيق المصلحة الوطنية وتقوية الحكومة بعناصر وطنية عراقية تعمل لتحقيق السلام والأمن للشعب العراقي. ويحلل بعض المراقبين السياسيين بأن هذا التغيير المالكي يهدف لكسب تأييد ودعم حملته الانتخابية لاختيار أعضاء المجالس البلدية في المحافظات وأهمية الحصول على مؤيدين لنهجه السياسي في أغلبية عددية في تلك المجالس التي سترسم الخريطة السياسية المستقبلية للوضع النيابي العراقي وقد اشتدت المنافسة بين المنشقين عن تكتل الائتلاف الموحد كقيادة المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عبدالعزيز الحكيم الذي سمى قائمته الانتخابية (شهيد المحراب والقوى المستقلة) وقائمة الجعفري (تيار الإصلاح الوطني) وقائمة حزب الدعوة التي يرأسها المالكي بتسميتها بإتلاف دولة القانون.

والعديد من القوائم الانتخابية لكتل سياسية بلغت أكثر من خمسمائة قائمة مرشحة للفوز بمقاعد مجالس المحافظات.

وحلفاء الأمس من الأحزاب المذهبية تقاطعت مصالحهم الخاصة فتفرقوا في الساحة على شكل قوائم جديدة تسعى لإظهار وجوه جديدة مقبولة لدى الشعب العراقي وبعض السياسيين يرجعون التحول السياسي في خطاب المالكي جاء كنتيجة لممارسات السلطة طيلة رئاسته للوزارة وقيادة الجيش وبالذات مع حالة اللامبالاة الكردية في الشأن السياسي العراقي ومطالبتهم الدائمة والملحة بكسب مصالح جديدة على حساب الوضع الأمني غير المستقر وتحميل الميزانية المالية العراقية بتكاليف إضافية وبصورة مستمرة مع حالة عدم الوئام والتفاهم بين سلطة الأقلية وحكومة المركز الاتحادية. وحسب تحليلي السياسي أن هذا (التغيير) نحو الخط السياسي الصحيح هو مزيج متناسب لهذه الأسباب والمبررات الثلاثة.

محلل إعلامي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية وهيئة الصحفيين السعوديين



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد