Al Jazirah NewsPaper Sunday  28/12/2008 G Issue 13240
الأحد 30 ذو الحجة 1429   العدد  13240
غزة تغرق بالدماء.. ولكن؟!
بقلم: خالد المالك

في مشهد دموي غير مسبوق ربما على امتداد التاريخ، حيث أشلاء الجثث والدماء التي تنزف كالشلالات من أجساد الشهداء والمصابين في غزة، وحيث تواصل إسرائيل عدوانها على الشعب الفلسطيني وتقصف كل ما هو متحرك أو ثابت في مجزرة رهيبة أغرقت غزة بدماء القتلى من الفلسطينيين.

***

أقول أمام هذا المشهد الدامي إنه ما كان لإسرائيل أن تقوم بهذا العدوان الواسع والشامل والخطير الذي سُبِق مبكراً بالتهديد والوعيد من قِبل الإسرائيليين، لولا أن إسرائيل كانت على يقين بأن عدوانها لن تكون له تداعيات دولية منددة أو ردود فعل قادرة على إيقافه وضمان عدم تكراره.



***

وإن مسؤولية الدول الكبرى أمام هذه الجريمة، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية ودول المجموعة الأوروبية أن توقف هذا النزيف من دماء الفلسطينيين، بإيقاف هذا العدوان الإسرائيلي السافر، وأن يتزامن ذلك مع البحث عن حل حقيقي وسريع للسلام العادل بإقامة دولة للفلسطينيين على أرضهم إلى جانب دولة إسرائيل.

***

وعلينا بعد هذه المجزرة الرهيبة التي سقط فيها هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى أن نستخلص منها الدروس والعبر، ونتعلم منها ما فات علينا أن نتعرف عليه، وفي مقدمة ذلك - وضمن الأولويات - أهمية أن تتوحد كلمة الفلسطينيين وأن يتم التنسيق بامتياز بين أفراد قيادته، لأنه مع هذه الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية تفقد القوى الفاعلة في الساحة العربية زخم الدعم لمناصرة الشعب الفلسطيني من دول العالم.

***

ومثلما نعرف جميعاً فإن لغة القوة تكون بديلاً للحوار حين تكون موازين القوى متماثلة، وبخاصة حين ينأى أحد الأطراف عن مبدأ الحوار كما تفعل إسرائيل، غير أن منظمة حماس ليست في وضع يسمح لها بمقاومة هذه القوة العسكرية الضاربة؛ ما يعني أن على دول العالم أن تتحمل مسؤولياتها لرد هذا العدوان ومحاسبة المتسبب، وأخذ القرارات الملزمة بعدم تكراره، كما أن على حماس أن تكون خطواتها وقراراتها ضمن السياق الذي يجنِّب الشعب الفلسطيني المزيد من الشهداء والجرحى طالما أن ما تفعله لم يسفر عن أي مكاسب تستحق مثل هذه التضحيات.

***

على أن الانصراف عن إدانة هذا العدوان السافر، والتضامن مع الشعب الفلسطيني، والتعاطف مع الجرحى وذوي القتلى، لا يكون باستغلال هذه المجزرة من قبل بعض الفلسطينيين والعرب في الإساءة إلى الدول العربية شعوباً وأنظمة وتحميلها مسؤولية أو بعض مسؤولية هذه النكبة، بينما يعرف القاصي والداني، أن الدول العربية دخلت حروباً كثيرة في سبيل استعادة الحق الفلسطيني المشروع، ودعمت القضية الفلسطينية دبلوماسياً في كل المحافل الدولية، ومدت المقاومة الفلسطينية ولا تزال بالمال من قوت شعوبها، بأمل أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض الفلسطينية، غير أن الانقسامات الفلسطينية - الفلسطينية والخلافات بين مجموعة من المنظمات والقيادات الفلسطينية هو ما آل بهذه القضية إلى هذا الجحيم.

***

وإن دعوة الشعوب العربية والأنظمة العربية من بعض المنفعلين من العرب والفلسطينيين إلى توسيع رقعة الحرب لا تحرر فلسطين من مغتصبيها، كما أن القرارات المتسرعة، وردود الفعل غير المدروسة، والتعامل مع مثل هذه الجريمة من خلال الشتائم والتخوين للدول والقادة العرب لا تحرر فلسطين أيضاً، ومن المصلحة أن تكون المعالجة من خلال القنوات القادرة على وضع حد لهذا العدوان، وهذا يتطلب التنسيق بين الدول العربية في ظل أجواء ومناخات من المصالحة بين الفلسطينيين أنفسهم، إذ مع استمرار الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية ستظل القضية بعيدة عن الحل ولن تتوقف إسرائيل عن ممارسة جرائمها بحق الشعب الفلسطيني الأبي.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 2 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد