Al Jazirah NewsPaper Sunday  28/12/2008 G Issue 13240
الأحد 30 ذو الحجة 1429   العدد  13240

دفق قلم
مرحباً بعامنا الجديد
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

مرور الأيام، وانصرام الأعوام رسائل تذكير وإنذار لا ينتبه إليها كثير من الناس، ولا يستوعب لغتها الواضحة من استولت الدنيا على قلبه، وعقله، وسيطرت على مشاعره، ولا يفطن إليها أولئك الغافلون الذين يقفون وراء سدود من الغفلة واللهو ورغبات النفس وأهوائها.

أعوام تتراكض أمام أعيننا مفعمة بالحيوية والنشاط، تسابق أحلامنا وآمالنا فتسبقها ونحن نظن أننا السابقون، وتتجاوزها ونظن أننا المتجاوزون، وهكذا هي رحلة الزمن، رحلة عمر الإنسان تسبق دائماً أحلامه وآماله وطموحاته، أو لم يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وهم جلوس معه بهذه الحقيقة في رسم بياني واضح على التراب؟ حينما رسم لهم على الأرض خطا مستقيما، ورسم على جانبيه خطوطا معترضة، وأخبرهم أن الخط المستقيم هو الأمل ليس له نهاية، وأن تلك الخطوط المعترضة هي خطوط الأجل وما يعترض الإنسان من حوادث الزمن إن تجاوز منها واحدا وجد أمامه الآخر، حتى ينتهي عمره باعتراض أحد تلك الخطوط، فلا يبلغ نهاية خط الأمل.

هكذا تكون لغة انقضاء عام وبداية آخر، وهكذا تكون رسالة رحلة الأيام للناس جميعا.

أهنئكم بالعام الجديد، تهنئة محب مستبشر بالخير، متفائل بالنصر على الرغم من دواعي الحسرة والأسى والحزن في عالمنا المعاصر.

أرسم لكم من دفق هذا القلم السيال بحب الخير لكم، وبالدعاء الصادق للأمة كلها بالبركة والنصر والتأييد، أرسم لكم لوحة ملونة بأجمل ألوان الأمل، والتفاؤل، والحب، والنقاء، والصفاء، والدعوة إلى الوئام والتآلف والتعاون، أعلقها على جدار عامنا الهجري الجديد وألقي عليها من ضياء شمس الأمل ما يجعلها واضحة بارزة للناظرين.

عام جديد مقبل علينا، بداية لصفحة جديدة ستنطوي سريعا كما انطوت صفحة العام الذي مضى، ولكنها صفحة مضيئة بعظات وعبر، تراها عيون المتأملين الذين ينظرون إلى الأشياء بعيون بصائرهم فينفذون إلى أعماقها، ويدركون حقائقها، ويستوعبون طرائقها.

عام جديد تعثرت فيه خطوات، ذلك المارد الغربي الذي تعالى وتكبَّر، حتى ظن الناس أنه أصبح المهيمن على الدنيا وما فيها، فإذا به على مرأى من العالم ومسمع ينحدر، ويتراجع بكل ما لدوله وجيوشه من سطوة وهيلمة وهيلمان.

عام جديد أرى فيه بوارق الأمل المشرق تبرق من كل ناحية، وأنوار المستقبل الإسلامي تتدفق من كل زاوية، على الرغم من حالة الأمة المسلمة التي ما زالت في ضعفها المؤلم أمام أعدائها.

إنه ضعف السنين التي تراكم فيها الخلاف، والشقاق، والخضوع للأعداء، والبعد عن الله سبحانه وتعالى وما شرع لخلقه، ولكنه ضعف سيضمحل أمام ما نرى من بوارق صحوة الأمة النائمة، وبوادر قوتها ونشاطها، وعودتها إلى ما كان عليه نبيها وأصحابه وسلف هذه الأمة.

أبشروا بالخير على الرغم من حصار غزة وجراح الأقصى، وأنين بغداد، ودموع الأفغان ومعاناة كشمير والشيشان، وبقايا الحسرة في بلاد البلقان، أبشروا بالخير ما دامت علاقة الأمة بالقرآن متينة، وما دامت مناصرة لسنة وسيرة أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، وما دامت تصوم شهرها في وحدة لا نظير لها، وتصلي فرضها بنيانا مرصوصا لا مثيل له، وتجتمع في بقاع الحج الطاهرة في اجتماع كوني عظيم مهيب جليل.

نعم - أيها الأحبة - إن شمس الحقيقة لا تعرف الغروب، مهما تكاثف الدخان، وتعالت أصوات المرجفين.

أهنئكم بالعام الهجري الجديد بدءا بوطننا الغالي (بلاد الحرمين الشريفين)، بأهله كبارا وصغارا وبجباله وسهوله وشجره وحجره ومدره وحبات رماله، ومرورا بكل موقع على خريطة وطننا العربي والإسلامي الكبير، وانتهاء بأحبتنا في العراق وفلسطين وأفغانستان وجميع بقاع الدنيا التي يرتفع فيها الأذان ويتلى فيها القرآن.

أهنئكم، وأبشركم، وأدعوكم إلى تجديد العلاقة بالله المحيط بكل شيء، فإنكم جديرون بذلك - إن شاء الله -.

إشارة

على شفتيك تبتسم الحقول

لأنك لا تخالف ما تقول

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد