Al Jazirah NewsPaper Tuesday  30/12/2008 G Issue 13242
الثلاثاء 02 محرم 1430   العدد  13242
كلنا أستاذ غيره.. كلنا جلاد غيره.. وكل عيوبه ماليه جيوبه
عبدالمجيد يروي بعذوبته (تناقض) الإنسان بواقعه

قراءة - فهد السبيعي

في غمرة الانتظار الذي يترقبه عشاق عبدالمجيد عبدالله كان (للقراصنة) دور أيضاً في مواصلة عملية تسريب الأغاني التي ما زالت تحدث بين وقت وآخر لبعض الأعمال المنتطرة؛ فهي حكاية بدأت ولن تنتهي لهذه العملية؛ فقراصنة التسريب لا يعرف مداهم إن كانوا مقربين أو مخربين، ولكن تبدأ قصة آخر التسريبات مع عبدالمجيد عبدالله هذه المرة؛ لتصل إلى أغنيته الأخيرة بعنوان (تناقض) تلك المعزوفة الجميلة بكلماتها المليئة بالسرد الجزل الذي تناقل بين خواطر شاعر (تركي) ليقدم رأيه في مستجدات الأمور وطبيعة الإنسان التي لا تكف عن التقلب على أوجه عدة في قضية شائكة امتدت طوال التاريخ البشري لتكتب أغرب فصول التناقض في حياته وبلحن شعبي بسيط يصل مشنفاً أسماع الطربيين (وحدهم).. هل هي قصدية إنسانية أم وجدانية أم واقعية؟

تناقض

كل هالدنيا تناقض

واللي ما يقدر يناقض

قناعاته وبسياساته

ويله ويل ويله دوم

في مقدمة هي أشبه بالوصف في حال الإنسان لطبيعته وحاله مع الغير بعدم الاستقرار على حال معين وفتح أبواب المجاملة وتزييف الحقائق والتلون باللون الذي يخدم (نفسه)، ظهرت الحقيقة التي طالما كان عليها الإنسان في وصف بالرغم من عدم اعترافه بحقيقته واختار لها (تركي) الكلمة المعبرة والصادقة (تناقض)؛ فكان لزاماً عليه أن يعيش حياة (التناقض)؛ حتى لا يقع في عواقب الصدق واختيار المثالية.

وغيره..

كلنا أستاذ غيره

كلنا جلاد غيره

وكل (ن) عيوبه.. ماليه جيوبه

قبل تلام اسبق لوم..

وتبقى القضية الأخرى في التعامل مع الغير؛ فكانت المفهومية حاضرة عند الجميع، حتى وإن كانت من باب (التأليف)؛ لأن الاعتراف بعدم معرفة الشيء يكاد يكون جريمة و(عاراً) يتلبس قائله؛ فكثرت الأكاذيب و(اخترعت) الفتاوي وخرجت من فكر كل شخص حلول وهمية تلبسها حتى لا يشمله ثوب الجهل، وفي ترميز مستطرد للكاتب جعل العيوب متراكمة في الجيوب إشارة إلى أمرين قد كان يحاول إيصالهما للمتلقي؛ الأمر الأول العيوب التي لا تكاد تجد مكاناً لها في (أرض) الإنسان، والأمر الآخر هو الجشع والطمع واكتساب المال بأي طريقة دون اعتبار لمشروعيته؛ فعندما غنى عبدالمجيد هذه الأغنية في إحدى جلساته أخذ يردد هذا المقطع أكثر من مرة وكأنه يحاول إيصال كلا الأمرين إلى المستمع لواقعيتهما وأثرهما الكبير.

بسيطة..

يعقدوها وهي بسيطة..

قيدوا العفوي بحيطة..

قدروا اقناعه.. زيفوا اقناعه

أصبح مثلهم مسموم..

الدنيا لا تؤخذ على كبريائها بل تؤخذ الأمور بوسطيتها إلا أنهم رفضوا ذلك وجعلوا من حبتها (قبة) رافضين الاعتراف ببساطتها، وفي السياق ذاته كان لهم حضور مميز في قلب القناعات وتغيير المبادئ ورسم (الطالح) صالحاً في عيون العفوي (البسيط)؛ ما جعل الأمر (سيان) بينهم وبينه؛ فظهر بعفويته (شيطاناً أخرس) رضي بالتلبس بلباسهم.تقف كثيراً عند أحوال الناس وتتأمل في حياتهم وتجد العجيب والعجاب فتحاول أن تكون المعبر والمتحدث عن وصف حالهم ولا يمكن أن تترجم ذلك إلا في المجال الذي تبدع فيه.ومع تركي وعبدالمجيد عبدالله كانت هذه الجلسة الشعبية للأغنية البسيطة منبراً من منابر التحدث عن أحوال الناس بكلمات صادقة ومميزة ومعبرة ستجعل كل من يستمع إليها يتأمل الواقع المر الذي وصل إليه (بنو إنسان)، وأكاد أجزم بأن هذه الكلمات لا تكاد تنجح لو قام غير (البطل) بغنائها بإحساسه المرهف وطربيته المميزة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد