Al Jazirah NewsPaper Tuesday  30/12/2008 G Issue 13242
الثلاثاء 02 محرم 1430   العدد  13242
مصارفنا السعودية وتوازنات القوى العالمية 2-2
د. خالد محمد الخضر

استقرت تحدثنا في المقال السابق عن عملية الإقراض وبعض الضوابط التي يجب أن تنتهج في عملية الإقراض وآلياته، وكذلك تحدثنا عن القنوات التي يجب أن تصب فيها عملية الإقراض، وسأتحدث هنا عن أهم التحديات التي تواجه مصارفنا السعودية في ظل الأزمة العالمية الراهنة وأقول: إن من أهم التحديات التي تواجه البنوك في الوقت الحالي: وجود السيولة لديها وعدم وجود منافذ أو أوعية استثمارية لها، الشركات الجديدة التي يتم طرحها للاكتتاب، تأثير دخول البنوك الأجنبية بتقنياتها العالية وبالتالي ستصبح المنافسة شرسة للسيطرة على العملاء، آثار التضخم على البنوك، البنوك في حاجة إلى موظفين ذوي كفاءة في قيادة التمويل، التحكم في المصروفات التي شهدت ارتفاعات كبيرة في الآونة الأخيرة بسبب ارتفاع الرواتب والمكافآت والإيجارات والاستهلاكات والمخصصات، التعامل مع زيادة حجم المنافسة نتيجة لتحرير القطاع المصرفي وانخفاض أسعار الفائدة (على الريال السعودي والدولار الأمريكي)، ارتفاع نسبة الاحتياطي القانوني على الودائع الجارية المفروضة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي من 5% إلى 12% خلال أقل من عامين؛ بهدف تحجيم قدرة البنوك على خلق النقود وبالتالي إضعاف قدرتها على التوسع في عمليات الإقراض، كما أن البنوك في المملكة ما زالت بنوكا صغيرة ولابد لها من زيادة قدرتها المالية حتى نستطيع الحصول على حصة مناسبة أو زيادة حصتها الحالية في ظل دخول بنوك جديدة عملاقة بالسوق المحلي, إلا أن بعض الاقتصاديين والمديري التنفيذيين العاملين يقللون من حجم المشكلة العالمية التي تمر بها اقتصادات العالم, ويؤكد في هذا الصدد كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي بقوله: إن نموذج البنك الاستثماري التقليدي في الأسواق الأمريكية انتهى، حيث إن المصارف خاضعة لإشراف مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) .

وعن تأثر بنوكنا من الأزمة قال: (إن التأثير لا يذكر حيث إن مصارفنا جميع قروضها موجهة بالكامل إلى الأسواق السعودية؛ وهذا يقلل من اثر الأزمة على المصارف السعودية)، وفي هذا السياق أكد عبد الله بن سليمان الراجحي الرئيس التنفيذي لمصرف الراجحي (أن المصرف لم يتأثر بالأزمة المالية العالمية، مشيراً إلى أن ليس للمصرف ارتباط بمشتقات الأزمة أصلاً، كما انه لا يوجد لدى مصرف الراجحي أي محافظ دولية في الأسهم أو العقار، كما أكد أنه ليس هناك أي تأثير للازمة على المصارف السعودية، وذكر هنا في مقابلة أجرتها معه جريدة الرياض في يوم الخميس 15-11-1429 هـ العدد 14752 أن أبرز التحديات التي تواجه القطاع المصرفي في ظل الأزمة العالمية انه قد يكون عاملاً إيجابياً إذ سيفتح ذلك الباب للمزيد من الفرص أمام تلك المصارف لترفع حصتها في تحويل المشروعات المحلية، إذ إن معظم المشروعات المحلية والإقليمية خاصة في مجالات البنية الأساسية والبتروكيماويات، والطاقة والنفط يتم تحويلها بنسبة تتراوح من 30 و40% لبنوك دولية).

ومن نافلة القول هنا أن نشير إلى ما ذكرته بعض المصادر الحديثة أن قيمة أصول المصارف السعودية 1.2 ترليون خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري 2008م بنسبة بلغت 31% لتعتبر الأعلى في تاريخ المال منذ 16 سنة، وهذا مبلغ فلكي يجب أن نستثمره استثماراً فاعلاً وناجعاً، كما أن مجلس الغرف السعودية أشار في هذا الصدد إلى وجود ستة تحديات تواجه مصارفنا السعودية: زيادة رؤوس أموال المصارف، مواجهة المنافسة الداخلية والخارجية، استغلال فرصة الدخول في مجال البنوك الاستثمارية، إيجاد مخرج فقهي لقضية دفع عمولات على الحسابات الجارية، تحقيق الأمن المعلوماتي والتغلب على عمليات الاحتيال المصرفي، وأخيرا الحذر من خطورة انكشاف المصارف على قطاع العقارات، كما أن مجلس الغرف أضاف إلى تلك التحديات تحديات أخرى تواجه أعمال المصرفية الإسلامية نجملها في الآتي: انعكاسات اتفاقية تحرير الخدمات المالية في إطار منظمة التجارة العالمية، وما سينجم عنها من تغيرات في القطاع المصرفي بصفة عامة على مستوى العالم ومن ثم على قطاع البنوك الإسلامية باعتباره جزءاً من هذا القطاع ما زال حديثًا على الساحة المصرفية، غياب المعيارية standardization وعدم وجود أسس عمل مصرفية موحدة لجميع البنوك والمؤسسات المصرفية الإسلامية، موجات التكتلات والاندماجات التي يشهدها عالم اليوم، وعلى الرغم من محاولة صناعة الصرافة الإسلامية تطوير أدواتها وخدماتها بالأساليب التقنية والتكنولوجية الحديثة إلا أنها لم ترقَ بعد للمستوى التكنولوجي الذي تستخدمه الصرافة التقليدية، التحدي الخاص بفقدان الثقة بشرعية المعاملات المصرفية الإسلامية، التي تقوم بها بعض البنوك وعدم وجود رقابة شرعية داخلية قوية أو عدم التزام بعض هذه البنوك بالإجراءات والخطوات الشرعية عند تقديم الخدمات، عدم وجود سوق مصرفية أو مالية إسلامية منظمة بشكل كاف يساعد هذه البنوك على التعبئة والاستخدام الأمثل لمواردها، خصوصا أن معظم هذه البنوك تعاني مشكلة نقص فرص التوظيف ونمو فوائض السيولة، على الرغم من قدرة البنوك الإسلامية على تنويع منتجاتها وخدماتها في إطار الشريعة الإسلامية، إلا أنها ما زالت لا تعطي أهمية كبيرة لبحوث تطوير هذه المنتجات، وقد تعتمد في بعض الأحيان على محاكاة البنوك التقليدية، عدم استطاعة البنوك الإسلامية الاقتراض من البنوك المركزية في الدول التي تعمل فيها على الرغم من حاجتها إلى هذا الدعم الذي يتوافر لغيرها من البنوك التقليدية المنافسة لها، نخلص من ذلك الى أن المصارف السعودية وأن كانت لم تتأثر التأثر المبالغ فيه من تلك الأزمة نتيجة بعض العوامل التي أوردناها في سياق المقالين السابقين، إلا أنه يجب على تلك المصارف أن تستفيد من التجربة الفائدة المرجوة منها وأن لا تمر تلك التجارب والمعطيات مروراً عابراً لا فائدة منه، بل يجب أن يكون هناك تقييم وإعادة للأوراق، فمواطن القوة نزيدها قوة ومواطن الضعف يجب أن تعالج وتستأصل.



Kmkfax2197005@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد