Al Jazirah NewsPaper Tuesday  30/12/2008 G Issue 13242
الثلاثاء 02 محرم 1430   العدد  13242

دفق قلم
غزَّة وتفاؤل المؤمن
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

اللوحة في غزَّة الجريحة المجاهدة لوحة دمويةٌ مؤلمة، لوحةٌ مصبوغة بالدم الفلسطيني المسلم البريء، مرسومة بالصواريخ والقنابل وآلة الدَّمار الجائرة التي يستخدمها العدوُّ الصهيوني الغادر في تحطيم بنية تحتية لبلد محاصر مظلوم.

اللوحة في غزَّة سوداء قاتمة لمن ينظر إليها بعينٍ مجرَّدة تبكي وهي تشاهد الشهداء - كما نرجو لهم ذلك - والجرحى، والأشلاء، ونظرات عيون الأطفال المذعورين الذين يرون آباءهم وأمهاتهم ورجال دولتهم أشلاءً ممزَّقة متناثرةً في كل مكان.

لكنَّ اللوحة في غزَّة في نظر الإنسان المسلم المؤمن بعدل الله سبحانه وتعالى، ونصره للمظلوم، وهزيمته للظالم، وفي نظر المسلم الذي يرى بعين قلبه صوراً مشرقة لرجال ونساء مرابطين محتسبين صابرين، متوجهين بقلوبهم إلى ربهم المحيط بكل شيء القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، اللَّوحة الغزَّاوية في نظر هذا المسلم لوحةٌ مشرقة بتفاؤل لا يموت، وشمعة أملٍ لا تنطفئ.

إن صور أشلاء القتلى الذين يذكرون الله ويجاهدون في سبيله ويدافعون عن أنفسهم وبلادهم وأعراضهم، تبدو لعين البصيرة صوراً مشرقة بالتضحية والفداء، والصمود أمام الأعداء، والتعلق بمالك الملك، خالق الأرض والسماء؛ لأنها صور أشلاء لمجاهدين مضوا عن هذه الحياة في ميادين شرف وعزَّة وكرامة، ولأنهم كما ثبت في الحديث لا يشعرون إلا بمثل وخز الشوكة مهما كانت الجراح غائرة إكراماً من الله لهم، ولأنهم كما ثبت في القرآن الكريم، وإن بدوا أمام أعين الناس أمواتاً وأجساداً هامدة، إلا أنهم أحياء عند ربهم يرزقون.

يجب ألا ننسى أنَّ من مات دون دينه أو عرضه أو ماله، أو نفسه فهو شهيد، فكيف بمن يموت من أجل المسجد الأقصى وأكناف المسجد الأقصى - أسأل الله أن يرزقهم الإخلاص.

كيف بمن يموت مدافعاً عن نفسه التي يستهدفها العدو بالقتل، وعن داره التي يستهدفها العدو بالهدم، وعن عرضه الذي يستهدفه العدو بالانتهاك، وعن كرامته التي يستهدفها بالإهانة.

هنا تبرز لوحة غزَّة مضيئة بالصبر والثبات، لأنها لوحة مظلومٍ تعاني من سطوة ظالم غاشم ليس له ضمير.

هنا أيضاً لابد أيُّها الأحبة من التفاؤل الذي لا يصيب القلوب باليأس، ولا يهدُّ عزائم الناس، ولا ينشر بين المسلمين الشعور بالقنوط.

لكأنني والله أرى نصر الله للمظلوم ماثلا أمام أعيننا قريباً فانتظروه.

إشارة

أقسمت بالله الذي

خلق الوجود من العدم

ما طاف بي يأسٌ ولا

غطَّى على أملي الألمْ

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد