Al Jazirah NewsPaper Wednesday  31/12/2008 G Issue 13243
الاربعاء 03 محرم 1430   العدد  13243
وتاليتها
د. هند بنت ماجد الخثيلة

المجزرة المؤلمة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة لها أكثر من دلالة، وأبعد من مجرد قتل الأبرياء. إسرائيل أرادت بهذه الهجمات الشرسة في يوم السبت (عيد اليهود الأسبوعي) وبهذه الكثافة من الأسلحة المحرمة أن تؤكد أن هذا الصراع الذي يدور على الأرض المباركة المغتصب معظمها ليس صراع قوى مجردة، لكنه صراع أزلي بين اليهود المتصهينين والمسلمين والمسيحيين أصحاب الأرض والحق. كما أرادت إسرائيل بهذه الفظائع التي ترتكبها في الأرض المحتلة أن تذكر كل جيرانها من العرب والمسلمين أنها لا تزال القوة الأولى القادرة على إبقاء الفجوة العسكرية بينها وبينهم لصالحها. وأرادت أن تقول لشعبها إنها قادرة على حمايته في زمن بدأ الشك يتسلل إلى نفوس هؤلاء من أنهم أصبحوا في دائرة الخطر من القوى التي صارت تتزايد إمكاناتها على حدود الدولة العبرية.

غزة هذه المساحة التي لا تكاد تكفي لأهلها واقفين أو نائمين، التي لا تتجاوز مساحتها بضعة كيلو مترات مربعة وهذه الجريمة الشنعاء على الأطفال والنساء والأبرياء، تؤكد أن إسرائيل لديها رسالة وأهداف أساسية بعيدة، أكثر من هذه المساحة الجغرافية التي هي فعلياً تحت سيطرتها، نحن نرى فجوة كبيرة بين ما تدعيه إسرائيل من حب ومطالبة بالسلام، وما تقوم به من جرائم على الأرض.

لقد تقدم العرب بمبادرة تاريخية للسلام في قمة بيروت ولا يزال خادم الحرمين الشريفين، صاحب المبادرة، وولي عهده الأمين، يقف بثقله وراءها، وكان مؤتمر حوار الأديان الأخير مبادرة سعودية منه يحفظه الله، ولكن إسرائيل تأبى إلى الآن التعامل مع هذه المبادرة بمسؤولية وبرغبة حقيقية في السلام.

على هذه الأمة أن تراجع الآن أولوياتها وتنطلق إلى المرحلة القادمة من حقائق وثوابت لا يجوز القفز عنها، ملخصها أن هذا الكيان العنصري العدواني لا يريد السلام إلا بشروطه المتمثلة في الهيمنة على المنطقة بأكملها.

المبادرات والمواقف الخيرة لخادم الحرمين الشريفين والمتمثلة في تحركاته لوقف العدوان واحتواء آثاره تظل خطوة صادقة تحتسب للمملكة وملكها، ولكن المطلوب هو وحدة الموقف العربي على الأقل في هذه الظروف المصيرية.. إن كان كل العرب يفهمونها على أنها مصيرية، مثلما يتوجب الآن وفوراً على القيادات الفلسطينية أن تعي أن هذا التشرذم وهذه الخلافات القاتلة بين فصائل المجتمع الفلسطيني لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضعف والهوان.. وإفساح المجال أمام العدو للتفرد بهم واحداً واحداً.. فهل سيعي الأخوة الفلسطينيون أن عليهم ترتيب بيتهم من الداخل أولاً.. وتاليتها؟!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5940 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد