Al Jazirah NewsPaper Wednesday  31/12/2008 G Issue 13243
الاربعاء 03 محرم 1430   العدد  13243
هل فعلاً الجهل حريق يصعب إطفاؤه؟
الرائد: إبراهيم بن عبدالعزيز أبا الخيل

في الأيام القليلة الماضية كانت ذاكرتي تحاول أن تتغلب على أعراض الشيخوخة التي بدأت تعتريها لتستحضر لي الكثير من الأمثال التي اختزنتها ذات اليوم لعلي أسقطها على بعض التصرفات التي رأيتها أو عايشت أحداثها لحظة بلحظة أثناء الأيام الممطرة التي شهدتها منطقة القصيم مؤخراً.. وبينما أنا أعيش تلك المحاولات اليائسة مع ذاكرتي وصلتني رسالة جوال من صديق لم تستطع ذاكرتي أيضاً أن تختزن رقمه يقول فيها (بكل كفاءة يستطيع رجال الدفاع المدني إطفاء جميع أنواع الحرائق ما عدا الجهل فإنه حريق يصعب إطفاؤه) في تلك اللحظة أذنت لذاكرتي أن تستريح لأمنح نفسي فرصة الاستمتاع بتلك الكلمات الجميلة..

نعم يا صاحبي.. كن مطمئناً ف رجال الدفاع المدني - ولله الحمد - يستطيعون التعامل بكل كفاءة مع جميع أنواع الحرائق إلا الجهل - واسمح لي أن أضيف هنا أيضاً (عدم المبالاة) فإنه أيضاً حريق يصعب إخماده!!! رغم المحاولات المتعددة التي يبذلها الجهاز الإعلامي للدفاع المدني للتحذير من الأمطار والظواهر الجوية والمخاطر الأخرى إلا أنها - أي تلك المحاولات - يتم وأدها ونحرها قبل أن تصل لمن يهمه الأمر بفعل موروث قديم يرفض أن يتقبل النصيحة حتى وإن كانت لسلامته متمثلاً في (إذن من طين.. وأخرى من عجين).

إن كنت - يا صاحبي - ممن يظهر عليهم علامات التعجب عندما يسمع من يسير بطريق يجهل نهايته!! فماذا تظن أن يظهر عليك عندما ترى أمامك من يحاول العبور إلى طريق يعلم أن نهايته مؤلمة؟؟؟

لعل الجميع كان يقرأ ويشاهد الكثير من القصص والصور التي تبثها لنا وسائل الإعلام المختلفة وهي تنقل لنا عدم المبالاة من بعض المواطنين وهم يجازفون بأرواحهم وعائلاتهم بطريقة أقل ما يمكن أن نطلق عليها أنها تصرفات متهورة!!! هنا تظهر في داخلي - قبل صاحبي - الكثير من علامات الاستفهام التي ترفض أن تغادرني لتلقي على كاهلي سؤالاً تمتد حروفه في مساحة أظنها أكبر امتداداً من وادي الرمة... متسائلاً لماذا يقف البعض منا في أول صفوف الملتزمين بالنظام منذ اللحظة الأولى التي يصبغ صفحة جواز سفره بختم مغادرة وطنه؟؟؟ بينما يقف في أول صفوف العابثين بالنظام عندما يكون في بلده.. وهو أيضاً أول من يضع (الطين والعجين) في أذنيه عندما تكون التعليمات صادرة من أشخاص يبحثون عن سلامته ويخشون عليه من تصرفاته؟؟ كما أنه من أوائل الرافضين لمد يده لسلطات بلدة في أوقات تحتاج إلى اتحاد الجميع؟؟ وحتى لا أظلم البعض أستطيع أن أقول إنني قد رأيت ضوءاً خافتاً في آخر النفق!! وإن كنت رأيته بصعوبة تماثل صعوبة من يتراء هلال شهر رمضان المبارك!!! نعم لقد رأيت من منحنى شيئاً من الأمل بالتزامه بالتعليمات.. وقيامه بواجبه الوطني إلا أن ظاهرة (إذن من طين وأخرى من عجين) كانت هي التي تستحوذ على المساحة الأكبر للأسف الشديد!! أعلم جيداً أن أسئلتي تلك قد لا تعجب البعض ولكنها الحقيقة التي يجب أن نتوقف عندها وأن نتسلح بقليل من الواقعية حتى نسمي الأشياء بأسمائها الصريحة التي وإن سعى البعض أن يلتف عليها في محاولة منه لإضفاء شيء من الشرعية على تصرفاته إلا أنها تظل متمسكة - أي هذه التصرفات - باسمها الحقيقي الذي لابد أن يظهر للعلن يوماً ما.. قد يقول البعض أن هناك قصوراً في التوعية وبالتالي يحاول أن يصرف الأنظار عن تصرفاته عندما يلقي باللائمة على بعض الجهات!! ولكن الرائي بعين المنصف والمتابع بتجرد من عواطفه لكل ما يحدث يحفظ تلك الجهود المبذولة من الدفاع المدني لإيصال رسائل التوعية للجميع.. وبصفتي أحد الذين كان لهم شرف المساهمة بجهد المقل في هذا المجال فقد تم الطرق على جميع الأبواب وبأساليب متنوعة.. وكنا نمني أنفسنا أن نجد من يزيل الطين والعجين عن أذنيه ويفتحها على أصواتنا!!

ولكننا كثيراً ما نجد أن ثقافة (أذن من طين وأخرى من عجين) تقف بالمرصاد لكل تلك الجهود حتى تعود من حيث أتت!!! كانت وسائل الإعلام.. ورسائل الجوال.. والتحذيرات المباشرة.. والنشرات التوعوية حاضرة بقوة على مسار التوعية لكنها لم تجد من يستقبلها بالحفاوة المطلوبة!! وحتى لا نفقد المزيد.. ونخسر الكثير يجب أن نتوقف عند عدم الوعي!!! ونبحث أسبابه ولعل الجواب على سؤالي: لماذا عدم الوعي حريق يصعب إطفاؤه؟؟ نجد فيه أسباب عدم الوعي.. دمتم بحفظ الله..

مدير إدارة العلاقات والإعلام والناطق الإعلامي
بمديرية الدفاع المدني بمنطقة القصيم



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد