Al Jazirah NewsPaper Wednesday  31/12/2008 G Issue 13243
الاربعاء 03 محرم 1430   العدد  13243
إنهم يضرونك بالقول إلزم فراشك عند الشعور بألم الظهر
80% من البشر عانوا من آلام أسفل الظهر خلال فترات حياتهم.. و90% من أسبابها خلل ميكانيكي بالعمود الفقري

هل تعلم أن أكثر من 80% من البشر قد عانوا من آلام أسفل الظهر خلال فترات حياتهم؟

هل تعلم أن آلام الظهر هي السبب الأول للإعاقة عند العمال الأقل من 45 سنة؟

هل تعلم أن آلام أسفل الظهر هي ثاني أشهر الابتلاءات الجسدية التي تصيب بنى آدم حيث تحل ثانية بعد نزلات البرد المعتادة التي تحتل المركز الأول؟

هل تعلم أن آلام أسفل الظهر هي أحد أهم خمسة أسباب لزيارات عيادات الأطباء؟

هل تعلم أن أكثر من 90% من أسباب تلك الآلام يعود لخلل ميكانيكي بالعمود الفقري والعضلات المتصلة به؟

هل تعلم أن أغلب المرضى المصابين بتلك الآلام لا يحتاجون لفحوصات معملية أو إشعاعية في الزيارة الأولى؟

هل تعلم أن أغلب هؤلاء المرضى يستجيبون للعلاج التحفظي؟

هل تعلم أن النصيحة الشائعة بلزوم الفراش هي في الحقيقة ليست خاطئة فحسب ولكنها ضارة؟

هل تعلم أن نحو 50% من هؤلاء المرضى يتحسنون بعد أسبوع.. ونحو 90% يتحسنون بعد شهرين.. ولكن تعاود الآلام 75% منهم خلال السنة التالية؛ ويتحول الألم الحاد إلى مزمن في نحو 10%

أظنك قد دهشت ببعض تلك التساؤلات أو بكلها... خصوصاً أنك قد تكون أحد ضحايا تلك الآلام المزعجة؛ وقد تكون أحد الزائرين للأطباء بحثاً عن الراحة والشفاء، وقد تكون عوفيت بفضل الله تعالى.. شاباً كنت أم كهلاً؛ رجلاً كنت أم امرأة؛ نحيفاً كنت أم بديناً؛ طويلاً أنت أم قصيراً.. فلا تفرق تلك الآلام بين كل هؤلاء.. فالكل في الدائرة.

** يؤكد د. خالد فتحي رئيس قسم الأمراض الروماتيزمية بالمستشفى السعودي الألماني أن آلام أسفل الظهر هي الشكوى الأكثر شيوعاً في عيادات الأمراض الروماتيزمية والعظام لأن تلك الآلام -بالإضافة إلى أنها شديدة- تعطل تحركات الشخص الطبيعية وتعوقه عن ممارسة حياته على النحو المألوف.. حتى نفهم ماهية تلك الآلام وأسبابها.. تعالى لنتأمل في هذا الخلق البديع وهذا العضو الفريد الذي خلقه الله تعالى في جسم الإنسان.. ألا وهو العمود الفقري، فقد صدق الله العظيم حين قال جل في علاه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} فجاء العمود الفقري - كغيره من أعضاء الجسم- آية في الروعة والجمال.. فريداً في الصلابة والإحكام.. معجزاً في القوة والمرونة.. خلق ليكون الهيكل الأساسي للجسم البشرى فكان.. وخلق ليمكن الإنسان من الحركة والسير والقعود والسجود ففعل.. وخلق ليتنقل وزن الجسم للقدمين فالأرض فحمل.. وخلق ليحمي الحبل الشوكي والأعصاب داخله فوفى... فتبارك الله أحسن الخالقين.

العمود الفقري

ويتكون العمود الفقري من 29 فقرة: 24 فقرة متصلة (7 عنقية، 12 صدرية، 5 قطنية) و5 فقرات متصلة (العجزية) بالإضافة إلى فقرات ضامرة في الجنس البشري (العصعصية) والفقرات الـ24 الأولى يفصلها عن بعضها أقراص غضروفية مرنة تمكن العمود الفقري من التحرك بسلاسة وليونة، كما تتصل الفقرات ببعضها عن طريق مفاصل ناعمة وأربطة متينة وعضلات قوية تقيم الإنسان صلبة. فإذا تعرفت على التكوين التشريحي لهذا العضو العجيب (العمود الفقري) يتيسر لك معرفة أمراضه.

أنواع آلام الظهر

أما من الناحية الزمنية فينقسم ألم الظهر إلى نوعين: حاد ومزمن.. فالألم الحاد يحدث فجأة ويستمر لفترة قصير تتراوح بين عدة أيام أو أسابيع، والألم المزمن يستمر لأكثر من 3 شهور.

أما من الناحية العلمية، فتنقسم أسباب آلام أسفل الظهر إلى ميكانيكية وغير ميكانيكية.. فالأسباب الميكانيكية تمثل الشق الأعظم لتلك الآلام (نحو 90%) وترجع إلى خلل بالوظائف الحركية للعمود الفقري وملحقاته من غضاريف ومفاصل وأربطة وعضلات، وتعود تلك الأسباب الميكانيكية إما إلى الاستخدام الخاطئ أو العبء الزائد على العمود الفقري، فأكثر الأشخاص المعرضين للإصابة بآلام الظهر هم العاملون بالأعمال الثقيلة أو الذي يتطلب عملهم الوقوف أو الجلوس لمدة طويلة أو التعرض لذبذبات بالظهر.. ومن تلك الأسباب الميكانيكية الانزلاق الغضروفي؛ حيث يتزحزح القرص الغضروفي من مكانه ويضغط على الأعصاب المجاورة مثل عصب الورك وحينها يصاب المريض بالداء الشهير (عرق النسا)، ومنها الشد العضلي نتيجة المجهود الزائد أو الحركة الفجائية، ومنها ضيق القناة الشوكية حيث يتواجد الحبل الشوكي، ومنها خشونة المفاصل التي تربط الفقرات ببعضها، ومنها تزحزح الفقرات بعضها فوق بعض، ومنها الاعوجاج بالعمود الفقري.. وكل هذه الأسباب تؤدي لآلام أسفل الظهر: بعضها يزداد بالوقوف والسير مثل ضيق القناة الشوكية والخشونة، ومنها يزداد بالجلوس مثل الانزلاق الغضروفي والشد العضلي.. ويصيب بعضها الشباب كالشد العضلي، وتصيب أخرى الكهول كضيق القناة الشوكية والخشونة، وتصيب ثالثة الفئتين كالانزلاق الغضروفي.

وأصحاب هذه المجموعة (الميكانيكية) يتحسنون عادة بالمسكنات والراحة البسيطة والعلاج الطبيعي، فإن لم يكن التحسن مرضياً فيحتاج المريض حينئذ إلى إجراء فحوصات معملية وإشعاعية لبيان السبب وشدته.

أما عن المجموعة الثانية من أسباب آلام أسفل الظهر وتضم الأسباب غير الميكانيكية وهي عادة خطيرة ومؤذية تحتاج إلى إجراء فحوصات دقيقة وفورية وتدخل طبي مبكر منعاً لاستفحالها وتفادي لحدوث عاهات مستديمة أو إصابات خطيرة.

أسباب أخرى لآلام الظهر

ويلفت أ.د خالد فتحي النظر إلى أسباب تلك المجموعة بعض الخصائص المميزة لها، ومنها وجود ارتفاع بدرجة حرارة الجسم فقد يكون السبب إما التهابات صديدية أو أورام بالعمود الفقري.. أو وجود آلام موضعية بالظهر قد تتضاعف بالكسر ويكون ذلك بسبب هشاشة العظام.. أو وجود آلام ليلية قد توقظ المريض من نومه، وهذه الخاصية خطيرة وهي غير موجودة بالأسباب الميكانيكية حيث تقل وتتلاشى الآلام ليلاً مع النوم وعادة يكون السبب أورام بالعمود الفقري.. أو وجود تيبس وألم بالظهر لمدة ساعة أو أكثر عند الاستيقاظ من النوم بعد فترة عدم حركة ويكون ذلك بسبب التهاب مناعي بالعمود الفقري.. أو وجود ألم بالظهر عند الأطفال.. وأخيراً قد تكون آلام أسفل الظهر سببها أمراض بالبطن مثل القرحة المعدية الخلفية أو التهاب البنكرياس الحاد أو أورام خلف الغشاء البريتوني.

خلل عصبي بأحد الساقين

نأتي لنقطة مهمة في كيفية التعامل مع مرضى آلام أسفل الظهر وهي وجود خلل عصبي بأحد الساقين أو كليهما مثل الضعف بالعضلات أو بالإحساس أو ألم بأسفل الظهر يمتد لإحدى الساقين أو عدم التحكم بالبول أو البراز، ووجود مثل هذا الخلل يدفع الطبيب دوماً إلى إجراء فحوصات مبكرة أهمها الرنين المغناطيسي على الفقرات القطنية والعجزية بحثاً عن سبب الضغط على الأعصاب المؤدي لهذا الخلل العصبي.

علاج المجموعة الأولى

أما عن العلاج ففي حالة المجموعة الأولى ذات الأسباب الميكانيكية يكون العلاج بالراحة البسيطة والمسكنات وباسطات العضلات مع إجراء جلسات علاج طبيعي وهي مهمة جداً في التعجيل بالشفاء والحفاظ على قوة العضلات، وعادة يكون الشفاء -بإذن الله تعالى- خلال شهرين وفي حالة تأخر تجرى الفحوصات ويكون العلاج بعد ذلك إما طبياً (أي دوائياً) ويكون ذلك في أغلب الأحيان وإما جراحياً حسب تقييم الطبيب المعالج.

وننبه هنا على مسألة الراحة، فالراحة السريرية القصيرة لحين تحسن الألم مطلوبة، ولكن الراحة الطويلة ضارة لمرضى آلام أسفل الظهر.. حيث يُحول الألم الحاد الذي من المتوقع تحسنه إلى ألم مزمن يصعب علاجه، ولذلك ينصح ببدء مزاولة الحركة مبكراً قدر الإمكان كي نحافظ على قوة وليونة العضلات التي تقيم الفقرات القطنية.

علاج المجموعة الثانية

أما عن المجموعة الثانية أصحاب الأسباب غير الميكانيكية فيجب التنبه إليها مبكراً وذلك لإجراء الفحوصات المستفيضة ويكون التشخيص المبكر والعاجل الفعال بلا تأخير إما طبياً أو جراحياً.

أهم فترات المرض

ويشير استشاري الأمراض الروماتيزمية إلى نقطة مهمة وهي أنه أهم فترات المرض هي أول ثلاثة شهور، وذلك أن التشخيص والعلاج في هذه الفترة يمنع تحفيز الأجهزة المركزية لاستشعار الآلام بالمخ مما قد يؤدي إلى استمرار الألم برغم علاج أسبابها، وأخيراً وليس آخراً يؤكد د. خالد فتحي أن أهم أسباب حفظ الصحة والشفاء من الأمراض هو شكر تلك النعمة الغالية التي امتن الله الكريم بها على عباده امتحاناً لشكرهم كما يبتليهم بالأمراض ليمتحن صبرهم كما قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}(35) سورة الأنبياء.

وأن أركان الشكر ثلاثة كما عرفها أهل العلم: الأول الاعتراف بالنعمة باطناً والثانية التحدث بها ظاهراً والثالثة تصريفها في مرضاة المنعم جل في علاه فمن أراد حفظ صحته أو أي نعمة امتن الله بها عليه فليحقق تلك الأركان الثلاثة، فمن حققها لا يحفظها الكريم عليه فقط بل ويزيده منها {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}. وإذا ابتلي بالمرض فعليه بالصبر وليلجأ إلى باب الرحمن الرحيم متضرعاً {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}.

نسأل الله لكم دوام الصحة والعافية. والحمد لله رب العالمين.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد