Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/01/2009 G Issue 13244
الخميس 04 محرم 1430   العدد  13244
الحبر الأخضر
الهجرة والميلاد (أوجه الاتفاق والتضاد)
د. عثمان بن صالح العامر

 

اليوم هو أول أيام السنة الميلادية 2009، وقبل ثلاثة أيام أهل علينا هلال عام هجري جديد 1430هـ أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعله عام خير وبركة وعز وتمكين.. آمين،، لقد وقفت متأملاً في هذين الحدثين مقارنا بينهما (ميلاد عيسى عليه السلام والهجرة النبوية المعروفة)، وتساءلت في نفسي: ترى ما هي أبرز الدلالات التي تستحق الكتابة والتذكير، والتي لها علاقة وصلة مباشرة بحياة الناس وبناء القناعات لديهم؟ إن الأهم في نظري أن النصرانية ترتبط بشخص عيسى عليه السلام أما الإسلام فهو وثيق الصلة بالفكرة التي بعث الله بها محمد صلى الله عليه وسلم، ومع أهمية ميلاده عليه الصلاة والسلام وكذا مبعثه إلا أن الهجرة هي الحدث المجتمعي الأهم في حياة أمة الإسلام، فالميلاد حالة فردية طبيعية والبعثة بداية لتكوين أفراد ينتمون لدين الإسلام الجديد أما الهجرة التي اختيرت لتكون حداً فاصلاً بين عام وعام فهي عمل جماعي وانتقال مجتمعي من بلد (أم القرى) إلى بلد آخر (يثرب) من أجل هذا الدين الجديد وإعلان صريح لقيام دولة الإسلام ولذا كانت أول آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة هي آية الاستخلاف، إن الإسلام دين يقوم على الفكرة الجماعية لا على الأشخاص في دلالة الشخصنة المعروفة في أدبيات الفكر المعاصر ولا حتى على قناعات فردية ذاتية لا علاقة لها بمجموع الأمة وحراك طبقات المجتمع بمختلف أطيافه، ولذا كان من أقوال سلفنا الصالح ما يبرهن على أن المرجعية هي للحق ليس إلا (فكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر)، (وكلامي صواب يحتمل الخطأ وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب)، و(الحق لا يعرف بالرجال ولكن الرجال يعرفون بالحق)، وحتى يبني الله سبحانه وتعالى هذه القاعدة المهمة في نفوس أتباع هذا الدين عاتب الرب عز وجل محمد صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع في القرآن الكريم، عاتبه لتصرف شخصي له عليه الصلاة والسلام بل إنه صلى الله عليه وسلم رجع إلى غير ما يرى أو ما أمَر به من الأمور الحياتية لما ظهر الخير في غير ما قال، ولم يترك النفوس حائرة بين الابتداع والاتباع بل قال عبارة مهمة تحتاج إلى إطالة نظر وتمعن (أنتم أعلم بشؤون دنياكم).. إنني هنا لا أدعو إلى الاعتراض على الأشخاص ولا حتى التطاول عليهم أو النيل منهم لا سمح الله أو مناورتهم في الكلام وطرح الحجج العقلية الواهية عبر الوسائل المختلفة في مقابل فتاويهم وتوجيهاتهم الشرعية المستندة إلى الدليل الصحيح لأننا باختصار لن نصل إلى الفكرة الحق غالباً إلى عن طريق هؤلاء العلماء أهل الذكر الذين أمرنا الله بسؤالهم، ولكنني أتمنى أن تبٌلغ الفكرة وتصل إلى المستمع أياً كان مقرونة بالدليل النقلي الثابت وكذا العقلي المقنع، وأن نفصل بين الخطين المتقاطعين تارة والمتوازيين تارات (الدين) (والعادات)، إننا أتباع دين لا يقدس الأشخاص ولا يٌنزلهم فوق منزلتهم التي أرادها الله لهم (فكل بني آدم خطاء) بلا استثناء، كما أنه شرع عالمي الزمن دولي المكان ولذا من الضرورة بمكان أن يكون الخطاب الديني في بلادنا المملكة العربية السعودية خطاباً عالمياً خصوصاً في عالمنا المعاصر، إننا أيها السادة نشرف بانتمائنا لدين يفتح أبوابه مشرعة بحثاً عن الحق ولا يقدس إلا الحق و(الحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها فهو أحق بها) وما أروع قول معاذ رضي الله عنه (... واحذروا زيفه الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على فم الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق. قال يزيد بن عميرة: قلت له: وما يدرينا -يرحمك الله- أن الحكيم يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق يقول كلمة الحق؟ قال معاذ: اجتنب من كلام الحكيم المتشبهات التي تقول: ما هذه، ولا ينئينك ذلك منه، فإنه لعله أن يراجع ويلقى الحق إذا سمعه فإن على الحق نوراً) نعم إن على الحق لنور،، ودمتم بخير




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد