Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/01/2009 G Issue 13244
الخميس 04 محرم 1430   العدد  13244
شيء من
الروب الأبيض كان حلماً فتلاشى!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

تقول: كنت أدرس، أتعلم، أجد، أبذل كل ما أملك من وقت، أطور إمكاناتي العلمية، وما يثري معرفتي، وليس أمام عيني إلا أن أرتدي الروب الأبيض وأصبح يوماً ما طبيبة يشار إليها بالبنان. كان والدي يقول: الطريق أمامك طويل، والجد والصبر والإصرار هي شروط النجاح، كانت كلماته بمثابة المعيار الذي يحكم كل تصرفاتي، لا شيء يشغلني سوى العلم، ولا أولوية لدي إلا التحصيل المعرفي، كنت أذهب في خيالي بعيداً، وأتخيل والدتي وهي تضمني إلى صدرها عندما أتخرج، وقد أغرورقت عيناها بالدموع وهي تقول: (مبروك) كنت أنتقل في مراحل التعليم بتفوق، لم أشعر يوماً أنني أسير في طريق آخر غير الطريق نحو ارتداء الروب الأبيض، لأهدي إلى الإنسان البسمة، وأسهم في تخليصه من المرض والمعاناة والألم. إذا فقدت درجة في اختبار أشعر أنني خسرت الكثير، وإذا كنت في اختبار ما أفضل من الاختبار الماضي أشعر أنني كسبت الكثير. كنت صارمة في التعامل مع نفسي إلى حد القسوة، وكنت جادة إلى درجة جعلتني لا ألتفت إلى كل ملذات الحياة، التفكير في تحقيق الحلم كان يستحوذ علي، وعلى كل تصرفاتي، بل وحتى صداقاتي، فهو المتعة التي لا تعادلها متعة، وهو الأمل الذي أنتظر أن يتحقق، وأصر على أن يتحقق مهما كانت التضحيات.

تواصل: حصلت على شهادة إكمال المرحلة الثانوية، كانت فرحتي لا توصف بعد أن حصلت على معدل 96%، وهو معدل كاف - كما كانوا يقولون - يؤهلني لدراسة الطب شعرت أن الطريق بدأ يتسع لي، وأن مقولة والدي (الطريق أمامك طويل، والجد والصبر والإصرار هي شروط النجاح) كانت بالفعل تعادل كنزاً.

ومن خلال الإنترنت تقدمت إلى أكثر من كلية للطب في المملكة، إضافة إلى كلية أخرى للطب في البحرين. كنت على يقين أن القبول مجرد تحصيل حاصل، فنسبتي العالية تؤهلني وتضع من إجراءات القبول - كما كنت أظن آنذاك - مجرد روتين. وضعت الطب كخيار أول لرغبتي، وأكملت الخيارات الأخرى حسبما اتفق، لم أعبأ بها، مجرد ملء فراغات ليس إلا.

أعلنت النتائج، وكم كانت النتيجة صاعقة بالنسبة لي، هزت كياني، واغتالت كل آمالي، وتبخر الحلم الذي لازمني منذ كنت في الابتدائية، وكبرت وكبر معي. لم أقبل في كل الجامعات التي تقدمت إليها، وفي كل التخصصات التي ضمنتها طلبات التسجيل وليس كلية الطب فحسب، تصوروا؟ لم أصدق، قلت لابد وأن في الأمر خطأ، وأن اسمي سقط سهواً، وابتدأت رحلة ا لبحث عن السبب، فلم أجد أحداً يقول لي: لماذا، وكيف، طالما أن المعيار الأول هو (التفوق) وقد حصلت على معدل 96%، وهو ما يؤهلني حسب الشروط.

ومثل جميع من يتعذر قبوله من الطلاب والطالبات اتجهت إلى (الواسطة). تدخل والدي، ووظف جميع معارفه وعلاقاته عسى ولعل، وأخيراً وبعد جهد وجهاد قبلت، ولكن في كلية (العلوم) لأدرس الرياضيات، و(بمنه بعد)!

هذه قصة طالبة سعودية، متفوقة، ومع ذلك انتهت إلى إرغامها على تخصص دراسي رغماً عنها. إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد