Al Jazirah NewsPaper Sunday  04/01/2009 G Issue 13247
الأحد 07 محرم 1430   العدد  13247
نوافذ
هو ليس برجل العام
أميمة الخميس

 

اختارت الكثير من الجهات الإعلامية العالمية والمحلية خادم الحرمين الشريفين ليصبح رجلاً للعام 2008، ولكن أعتقد أن هذا هامش ضيق من الممكن أن ينحسر معه مشروع الملك عبد الله الإصلاحي، على المستوى المحلي والتاريخي.

فالمراجعة التاريخية السريعة ستفضي بنا إلى أعوام متتالية كان فيها التوجه التنويري ينهض في وجه توجهات سلبية متخلفة كانت تكبر وتنمو بل وتتغول في الفضاء المحلي وتكبل المنطقة بالكثير من المعوقات التي تقصيها عن التأسيس لمشروع حضاري يضع على رأس اهتماماته الإنسان كقيمة وكهدف وكمسيرة باتجاه المستقبل.

أنا هنا لست بصدد رصد وتتبع مسيرة هذا القائد بجميع تفاصيلها، ولكنها محطات انطلقت بها المسيرة بداية عندما التقى في مطالع عهده بجميع الأطياف والتوجهات الشعبية، ومن ضمنهم الشرائح التي كانت مغيبة نوعاً ما مثل المثقفين والنساء السعوديات من مثقفات وأكاديميات، ليعلم الجميع بأن لا أحد معفى أو مقصى عن تحقيق واجباته الوطنية والتنموية اتجاه هذا المكان.

دشن المرحلة بهيئة ضد الفساد لعلمه بأنه الأخطبوط الذي من الممكن أن يسرطن جميع الدروب والمسارات التي تتطلبها مسيرة القافلة الحضارية، اختار أن يبدأ بالاقتصاد كونه المحرك الرئيس والسري دوماً للتاريخ.

المدن التي زرعها في أنحاء المملكة هي التي تؤسس لواحات حضارية من الممكن أن توازن في التوزيع الحضري للكثافة السكانية، وتزيل الكثير من الضغوطات على مستوى البنية التحتية والخدمات التي كانت تئن من وقعها المدن الرئيسة. الاقتصاد القوي المتماسك هو العنوان الذي اختاره لمرحلته، وكانت المشيئة الإلهية تدعمه دوماً بميزانيات تاريخية لم يشهدها المكان سابقاً.

وحين ننتقل لمنظور آخر على مستوى صناعة الفرد سنجد أن الحوار الوطني أشرع مرحلة جديدة تتنوع فيها الأطياف تتعدد وتختلف لكن أهم من هذا كله تتعايش وتقبل بالمختلف وحقه بالمشاركة في الحيز المدني برفقة كامل حقوقه المدنية وكرامته الإنسانية المتمثلة بعيشه الكريم وممارسة جميع طقوسه المذهبية بأمن وسلام.

هذا بالتأكيد سيفضي بنا إلى مشروعه التاريخي في حوار الأديان.. مضى به يحمل بين أعطافه قلباً جسوراً اخترق جميع أوراق التاريخ الصفراء المنتهكة بقوانين البغضاء والكراهية والتوجس من العالم بتقسيمه إلى دار حرب ودار سلم..

اخترق هذا الركام التاريخي القائم على مواجهات متصلة وحروب وأنهار دماء وجدران ثقافية سميكة جعلت من جيراننا في الإنسانية أعداء دائمين وجعلنا في حالة تجييش دائمة وخطاب عقائدي وسياسي مشحون يقترب من البيانات العسكرية، وطوقنا بسلاسل وأسلاك شائكة يجب قبل عبورها أن نستفتي ونحذر ونسأل عن الطريقة التي نسلم بها عليهم أو نجاورهم أو نزور بلدانهم، وما هنالك من تفاصيل الفكر المتعصب المغلق والرافض للآخر الإنسان الذي يشاركنا الكوكب.

في عهد هذا القائد اتسع العالم ليشمل البشرية جمعاء.

لن تتيح لي مساحة زاويتي هنا أن أتتبع جميع التفاصيل والبوابات التي أشرعها رجلنا التاريخي، لكن مع مطلع العام الجديد استوقفتني جملة.. رجل العام، فوجدتها جملة مضللة قد تقلص هذا المشروع وتحصر التاريخ.. بعام واحد فقط.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد