Al Jazirah NewsPaper Wednesday  07/01/2009 G Issue 13250
الاربعاء 10 محرم 1430   العدد  13250
المخالفات في الميزان
فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري

 

الإنسان بطبيعته يخطئ ويصيب، يذكر وينسى، يعلم ويجهل، وقد يزن المخالفات بميزانه لاعتبارات كثيرة، منها العادات أو التقاليد أو العرف أو الجهل بالمخالفة، أو الجهل بحكم الذنب أو تلك المعصية، وكثير من الناس يزنون الذنوب والمخالفات بميزانهم للاعتبارات السابقة، أو الجهل بميزان الشرع أو شهوة يجدونها في نفوسهم، أو لأنهم سالمون من ذلك الذنب الذي يدورون حوله، فالبعض مثلاً يعظم تقصير اللحية ويتحدث عنها طويلاً وهو ذنب، ولا يخطر على باله الحديث عن الغيبة مع شناعتها لأنه مبتلى بها، والبعض يحذر من الموسيقى وهذا واجب، ويترك التحذير من قطيعة الرحم وهو أعظم أو عقوق الوالدين وهو أخطر، بل قد تجد بعض الخطباء يحذر من الخطير ويترك الأخطر، ويحث على السنة ويترك الحث على الواجب، ولو أن الجميع تحدثوا عما يمارسونه من مخالفات ويناقش الخطباء على منابرهم ما ابتلوا به وهكذا، لسرنا في المسار الصحيح مع وجود العزيمة على التغيير والتحول إلى الأفضل. إن أول طريق للعلاج أن نتحدث عما نفعله من خطأ تقويماً لذواتنا ومعالجة لأخطائنا أما أن نتحدث عما يفعله الآخرون، ونعالج مشاكلهم وننسى مشاكلنا فهذا منهج غير سديد وطريق غير قويم، وبعض الإخوة يجد حرجاً في نفسه من بعض ما يسمع وهو حق يجب سماعه لأنه لا يوافق هواه، ولقد سمعت بعضهم يقول: (لو تحدث المتحدث عما هو أولى أو خطب الخطباء عما هو أنفع)، والحقيقة أن نفسه تقول لو تحدث المتحدث عما تهواه نفسي، لقد تحدثت مرة في أحد مساجد الكويت عن التوبة وعظم شأنها وأنها مقبولة من أي شخص إذا تحققت شروطها.. إلخ، فكان في أول الصف شخص كأنما ينازعني الحديث حتى إذا فرغت من كلمتي قال: السلام عليكم يا شيخ.. أرجوك تفضل عندي، وفعلاً ذهبت أنا والإخوة المنظمون للكلمة ودخلت بيته، ودار بيننا حديث طويل، ملخصه أنه أطلعني على صورة لابنه الوحيد وهو في العشرين من عمره قتل أيام الغزو العراقي للكويت، ثم قال لي كيف يا شيخ يتوب الله على صدام حسين وقد فعل ما فعل، وإنا أدعو عليه منذ سنوات، فكيف يتوب الله عليه؟ قلت له: باب التوبة مفتوح والأمر ليس لي ولا لك الأمر لله وحده يتوب على من يشاء حتى من أكبر الذنوب من الشرك والإلحاد وغير ذلك أما حق ابنك لن يضيع.. إلخ). تأمل -أيها القارئ العزيز- كيف أن هذا الشخص وجد حرجاً في الحديث عن التوبة وهي حق.

إذاً ينبغي لنا أن نعود أنفسنا سماع مالا نرغب سماعه من الحق، وأن نكره أنفسنا وأن نعصيها، وأن نتحدث عن الأهم قبل المهم، فليكن حديثنا عن الغيبة وأكل الربا وعقوق الوالدين وقطعية الرحم والأسهم المشبوهة وهلم جرى...

وأن نزن الذنوب بميزان الشرع لا العادات ولا الأعراف ولا البيئة ولا التقاليد، فنعظم ما عظمه الشارع ونصغر ما صغره الشارع. والله أعلم،،،،

مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة المجمعة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد