عنيزة - عطاالله الجروان
الوصول إلى عالم الثراء أمر في غاية الصعوبة ويحتاج إلى جهود مضاعفة ورأسمال مناسب.. هذا بالنسبة للرجال فما بالك بالنساء؟.. حتماً ان الطريق شائك للغاية، لكن الحياة تروي الحقائق دوماً فهناك نساء عصاميات خرجن من بيوت الفقر إلى عالم الثراء بجهود ذاتية ودون أن ترث مالاً أو تتزوج ثرياً.. عدد من هذه التجارب لنساء عشن تحديات صعبة وأمضين سنين طويلة في رحلة طرزها الطموح والأمل بالخروج من ضنك الفقر إلى يسر الحال.
الجزيرة التقت سيدتين من النساء العصاميات بمدينة عنيزه بمنطقة القصيم بعد أن جمعن ثروة رغم أنهن جميعاً خرجن من جذور فقيرة مالياً.. تقول أم سعود سيدة في عقدها السادس من العمر: توفي زوجي وترك لي اثنين من الأبناء وست بنات وكنت أعيش حالة من الفقر وكذلك بقية العائلة ولم يكن لدي أي حلول لسد رمق جوع أبنائي وتوفير كل ما يحتاجونه من أساسيات الحياة دون الأشياء الثانوية، وضاقت بي السبل فالكل عاجز عن مساعدتي فقررت العمل وبحثت بمفردي عن وظيفة ودخلت على رؤساء دوائر حكومية وبخاصة في عنيزة وكل من دخلت عليه شرحت له ظروفي الصعبة ولكن لم يقدروها سوى رجل واحد وظفني في حراسة سوق نسائي قديم في عنيزة، وبراتب لا يتجاوز الألف ريال وبجانب الحراسة اشتغلت بتجارة بيع الملابس، وكنت أخرج من عملي وأذهب إلى إحدى الحدائق العامة وأبيع هناك حتى تغلق أبواب الحديقة، كما كنت أصنع مأكولات شعبية عرفني الناس من خلال طيب مذاقها، وبعد سنوات قليلة أكمل ولداي دراستهما الثانوية وانطلقا إلى العاصمة الرياض ودرسا في الجامعة وأنا لا أزال أعمل وتوسعت تجارتي ودخلت في عالم العقار من خلال مساهمات عقارية نجحت معظمها وحققت بفضل من الله مكاسب كبيرة ولله الحمد، وتركت أعمال الحراسة والمطبخ واستمررت في مجال تجارة العقار وأملك الآن عدة عقارات في عنيزة ومكة والرياض وأحد أبنائي تاجر عقارات كبير وحاصل على الشهادة الجامعية وابني الثاني موظف حكومي في درجة عالية، وجميع بناتي متزوجات وظروفهن المادية ممتازة.
فاطمة أو أخت الخير كما يلقبها إخوتها امرأة تجاوزت عامها الخمسين تملك عقلاً راجحاً اتضح من خلال رواية تجربتها في الحياة حيث إنها ورثت عن والدها ستة أولاد وثلاث بنات وتوفيت والدتها بعد عام من وفاة والدها.. فاطمة تحدثت لـ(الجزيرة) وقالت: في العشرين من عمري توفي والدي وبعده بعام توفيت والدتي وأصبحت مسؤولة عن أسرة تضم ستة أولاد وثلاث بنات وظروفي المادية صعبة للغاية، تركت الدراسة وتوجهت إلى العمل وحصلت على وظيفة مستخدمة في إحدى مدارس عنيزة وكان جميع إخوتي يدرسون ومتطلباتهم كثيرة فقررت زيادة دخلي المالي وبحثت عن عمل آخر ووجدت وظيفة في مستوصف خاص عطف مالكه عليَّ وقرر توظيفي كاتبة في الفترة المسائية براتب جيد، وبعد خروجي من المستوصف أقوم بعمل منزلي حيث إنني أملك موهبة في تجهيز الهدايا واستثمرت هوايتي ودخلت عالم التجارة في أسواق الهدايا ورغم ضعفها إلا أن جودة أعمالي جلبت لي زبائن ومحلات كثيره تتعاون معي، وأمضيت عشرين عاما بالوظيفتين بالإضافة إلى أعمالي المنزلية وحرصت كثيراً على تعليم إخواني وأخواتي أفضل تعليم ورفضت الزواج تماماً لأنني بنيت شيئاً خشيت أن يهدمه إنسان لا يقدره! وبفضل من الله وبعد معاناة سنين طويلة والعمل في وظائف ضعيفة بدأت في تجارة تقسيط السيارات وحققت نجاحات مثمرة وأملك الآن عقارات متعددة في عنيزة منها أراض وفلل واليوم ولله الحمد وليس من باب المنة فإن جميع زميلاتي المعلمات في تلك المدرسة التي عملت فيها مستخدمه ولن أنساها طيلة حياتي أقرضتهن أموالاً عن طريق تقسيط السيارات وجميع إخوتي -ذكوراً وإناثاً- يعملون في التجارة وفتحوا منازل لهم وكوّنوا شركة تجارية لتقسيط السيارات أصروا أن تُكتب باسمي.
