Al Jazirah NewsPaper Saturday  10/01/2009 G Issue 13253
السبت 13 محرم 1430   العدد  13253
سلام الله وتحية إلى الدكتور عبدالله محمد العمران
من: صلاح إبراهيم الحجيلان

 

ومضى الأخ الصديق معالي الدكتور عبدالله محمد العمران إلى ربه؛ فاهتزت القلوب والنفوس؛ فقد كان أحد رجالات المجتمع المرموقين، تميز بأجمل الصفات البشرية من خلق وعلم وتواضع جمّ، واشتهر بعاطفة وطنية وحسّ اجتماعي رفيع المستوى، فتح قلبه ومجلسه لمحبيه بكل مودة واحتفاء وكرم فكثر مريدوه.

عرفته وقدّرته واحترمته، رفيق الدرب، تزاملنا في دراسة الحقوق بجامعة القاهرة، كان يسبقني بعامين، وعملنا سوياً مستشارين في مجلس الوزراء، ثم بعد ذلك التقينا في ميدان المحاماة، حيث عالجنا بعض القضايا تارةً باتحاد وأخرى بتضادّ دون أن يكون لذلك أدنى تأثير على علاقاتنا الأخوية الودية خارج الأداء المهني؛ فقد كان - رحمه الله - حريصاً على التمسك بمبادئ الخصومة الشريفة.

اختير وزيراً وعضواً في مجلس الوزراء في عهد المغفور له الملك خالد بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وظل في منصبه زهاء 4 سنوات بعدها استقال ليتفرغ لأداء ما رغب فيه من أعمال عامة وخاصة (التدريس والمحاماة)، كما ترأس مجلس إدارة البنك العربي الوطني، ووضع كتاباً عن الأوراق التجارية وهي مادة شائكة عالجها بتحليل مفكر، فلقي كتابه هذا استحساناً في الأوساط القانونية العربية.

ومن الصفات المحمودة في شخص الدكتور عبدالله العمران تمسكه بالانتماء إلى بيئته، ومحبته لمنطقة الأحساء والتفافه حول أهلها رغم السنوات التي قضاها في فرنسا، وقبل ذلك في مصر، في مسيرة تعليمية موفقة؛ فبعد أن حصل على ليسانس الحقوق قرر الانضمام إلى قسم الدراسات العليا ليحصل على دبلوم يعادل الماجستير في الشريعة الإسلامية. وقد أبلغني أحد زملائه في فرنسا أن رسالته في الحصول على الدكتوراه كانت محل إعجاب وإشادة من أساتذته.

وقد حقق الرجل نجاحاً مشهوداً فيما تخصص فيه، وفيما اشتغل به، وعاش في هدوء كأحسن ما يعيش الرجال، ورحل أيضاً في هدوء تاركاً خلفه سيرة طيبة وذكرى خالدة، وعزاؤنا أنه سلم الراية لأولاد متميزين هم على نهجه ماضون في المناخ الذي أحاطهم به تحت ظلال ما لعائلتهم من أصول وتقاليد راسخة. وهنا أقترح عليهم إنشاء جائزة باسم والدهم - رحمه الله - تمنح للمتفوقين في القانون التجاري في المراكز العلمية التي قام بالتدريس فيها (جامعة الملك سعود ومعهد الإدارة العامة)؛ تخليداً لذكراه العلمية العاطرة.

وقد تخلل هذه المسيرة المهنية الطويلة التي دامت أكثر من 45 عاماً بيني وبين معالي الأخ المرحوم الدكتور عبدالله العمران، مناسبات عدة من الشد والجذب والأخذ والرد والمؤازرة والاتحادية. وقد رصدت بالفعل 3 قضايا وقعت بيننا سيكون لها شرح واف في المشروع الذي أعمل عليه الآن لتجميع المذكرات والتعامل مع الذكريات وإلقاء الضوء على فترة هامة في تاريخ التطور القضائي والقانوني في بلادنا.

إلا أن العامل المميز فيما وقع بيننا في هذه المهنة كانت تلك الصفة المتعمقة في شخصية عبدالله العمران، وهي تمسكه في الجولة الأخيرة للمنازلة أو المواجهة في الملفات الساخنة باعتبارات الشرف في الخصومة ومراعاة الحس الوطني وكلام الناس ووضع حد للندية والمنافسة، وقد يصرف النظر في تلك الجولة عن المذكرات والمحاضرات والإفادات المتشنجة في كل ذلك حس سياسي فريد، وقد أدى به هذا الأسلوب من الناحية العملية إلى تحقيق مكاسب معتبرة له في بعض جوانب النزاع، وفي نفس الوقت المحافظة على أواصر الود والاحترام بين جميع الأطراف.

عظم الله أجر أسرة معالي الدكتور عبدالله العمران، وتغمده برحمته،.

و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد