Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/01/2009 G Issue 13257
الاربعاء 17 محرم 1430   العدد  13257
غزَّة.. والشرعيَّة ..!!
محمد الدبيسي

 

(غزَّة) وحاضنتها فلسطين.. من أكثر أقطار الكون التي لازم سياقات ذكرها مفردة (الشرعية).. في بعدها القانوني والسياسي.. عبر متواليات من السنين والتاريخ والتحولات والساسة والقادة والمنظرين..

** هذه (الشرعية) كثيراً ما رادفت مفردة أخرى هي (الدولية).. وهما لفظان لا يُذكران حتى يتناهى للمشهد كيانات ك(الأمم المتحدة ومجلس الأمن).

** ألف آباؤنا وأجدادنا هذا النغم البائس.. وألفوا نتائجه.. وأورثونا إياه.. وسنورثه لأبنائنا.. حال كون المفردة من أسوأ المفردات.. وأكثرها ابتذالاً .. وأجلاها فراغاً من المضمون.. هذا ما لا نقوله.. بل يتراءى متمثلاً بهوله وخزيه وفجائعه في (غزة/ فلسطين) اليوم.. حيث تذبح الحياة والأحياء في غزة باسم (الشرعية)..!

** فيتنادى الضعفاء: (الشرعية..الشرعية) يستصرخونها بكاءً عليها.. واستناداً إليها.. والذابح الجلاد والهمجي الأثيم يمارس أقبح الأفعال باسمها.. وقامات (الشرعية) وأقطابها وموجهوها.. يطلبون منه الكفّ باسم (الشرعية).. بعزيمة الواهن المتراخي..!

** ول(الشرعية) بياناتها وسياقاتها وخطباؤها الذين يرفعون الصوت.. فيرد الجلاد بمزيد من الإيغال بالبربرية وانتهاك حرمة كل مقدس.. وذبح كل معنى.. وبالفعل يزرع فينا الجلاد إلْفِ الإنسان المذبوح.. والمنازل المهدمة وأنكى ما يمكن أن نتصوره.. ليجعل التصور ممكناً متحققاً.. وتصير الفجيعة تقليداً يومياً ومألوفاً اعتيادياً.. بينما لا زالت (الشرعية) لفظاً يتردد..!

** من أي عالم سيأتي أهل (الشرعية) والمنتمون إليها والمؤمنون بها.. بمعنى آخر.. أو هيئة مغايرة.. تجسِّد لنا حقيقة هذا الكائن الخرافي, الموصوم ب(الشرعية).. غير ما يفري وجداننا كل يوم.. ويشوي أحداقنا وأفئدتنا كل ساعة.. ويذكي رماد الإحساس فينا.. حتى يحين (للشرعية) أوان غير الذي نعيشه.. أو أفق ميتافيزيقي لا يُرى..

** هي (شرعية).. تجعلك تتحسس رأسك أعلاك.. وعينيك في رأسك.. وقلباً نضاخاً بالوجع في صدرك.. أطرافك.. ما حولك من الناس والأحياء.. ما قرأته ووعيته واستيقنته.. فبفضل (الشرعية) وتداعياتها.. صار كل شيءٍ عرضة لأي شيء..

** وهي (شرعية) تجعل ضحاياها ممن نشاهد جحيمهم اليومي.. لا يتمنون (حياة كريمة).. بل (حياة.. فقط).. ولك أن تختار لها وصفاً يليق بكرم ومروءة وعدالة تلك (الشرعية)..

** وإذا كان التاريخ شاهد عدل.. وسفر يقين.. ف(يهود) يذكرون ما قاله (هتلر) في كتابه (كفاحي).. منزلاً (الشرعية) منزلةً.. هي مُخرج التاريخ الأصدق.. وملخص فعله المبين.. وتحقق مغزاه الفعلي.. فقد قال هتلر: (لقد كان في وسعي أن أقضي على كل يهود العالم.. ولكني تركت بعضاً منهم، لتعرفوا لماذا كنت أبيدهم!!)....!!!!!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد