Al Jazirah NewsPaper Friday  16/01/2009 G Issue 13259
الجمعة 19 محرم 1430   العدد  13259
نبض المداد
سعادة النفس
أحمد بن محمد الجردان

 

عندما يضعف الإيمان تخور القوى لدى الواحد منا فيصير في مهب ريح شهواته يسير، حيث أرادت أن تحط رحالها وحينها حدث ولا حرج عن سوء مآلها وتعس حالها!!، وإن أرادت النفس أن تستعيد قواه لتعود كما يجب أن تكون تتكالب عليها عوامل الجذب الشيطاني لتجعلها أسيرة لها وغارقة في مستنقع الدنو والانحطاط، غير أنّ تلك النفس إن استعانت بالله وأخذت بأسباب العودة إلى عزها وشرفها وشموخها وهو الإيمان بالله الواحد القهار فإنها - بإذن الله - ستنجو وستسعد سعادة عظيمة ولكي يتحقق لها ذلك فلا بد من الأخذ بأسباب عدّة منها سؤال الله جلّ وعلا فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم)، ومن أسباب قوة الإيمان تدبر القرآن العظيم قال الله عز وجل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} ومنها استشعار عظمة الله عز وجل، ومعرفة أسمائه وصفاته، وكذلك طلب العلم الشرعي قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} ومنها لزوم حلق الذكر قال صلى الله عليه وسلم: (لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم على ذكر فتفرقوا عنه إلا قيل لهم: قوموا مغفوراً لكم) قال ابن حجر - رحمه الله -: (ويطلق ذكر الله ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، ومدارسة العلم)، ومن الأسباب الإكثار من الأعمال الصالحة، وقد سأل الرسول صلى الله عليه وسلم، أصحابه (من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر أنا، قال فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر أنا، قال، فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً، قال أبو بكر أنا، قال فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة) ومن الأسباب: الخوف من سوء الخاتمة وكذلك ذكر الموت: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أكثروا من ذِكر هاذم اللذات يعني الموت) ومن الأسباب التي تجدد الإيمان مناجاة الله والانكسار بين يديه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)، ومن العلاج قصر الأمل قال تعالى: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ} وقال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} وقال صلى الله عليه وسلم يقول: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلاّ ذِكر الله وما والاه أو علماً أو متعلماً) ولا ريب أن للتواضع دوراً فعالاً في تجديد الإيمان، ومن الأسباب محاسبة النفس قال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} قال ابن القيم - رحمه الله -: (وهلاك النفس من إهمال محاسبتها ومن موافقتها واتباع هواها)، ومن أسباب العلاج التي أختم بها وهو الأهم، هو دعاء الله عز وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنّ الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم) .. فهل يا ترى نجدد ذلك الإيمان في كل حين لنسعد سعادة الدارين، وهل نحرص على ذلك كحرصنا على جمع ذلك المال الذي يرى كثير منا أنه السعادة بحذافيرها؟؟!!، حقا إنها أسئلة متعددة ذات علامات استفهام كبيرة تحتاج منا إلى إجابة شافية كافية!!



amaljardan@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد