Al Jazirah NewsPaper Friday  16/01/2009 G Issue 13259
الجمعة 19 محرم 1430   العدد  13259
رياض الفكر
التكافل الاجتماعي بين الأسر من خلال الصناديق الخيرية
سلمان بن محمد العُمري

 

من الظواهر الحميدة الطيبة في بلادنا -ولله الحمد- وبعض البلدان المجاورة، ظاهرة الصناديق الخيرية الأسرية التي تنشئها الأسر، وهي سنة حميدة تزيد من الترابط الأسري والتلاحم، وتزيد البناء لحمة وقوة وتحاباً، ويتحقق من خلالها التواصل، وصلة الأرحام، وصلة ذوي القربى بالمعروف، وهو ما أمرنا به ديننا أولاً وقبل كل شيء، وهذه الصناديق تندرج أيضاً في سياق مجموعة من الظواهر الطيبة في مجتمعنا كالاجتماعات الدورية للأسر.

ولقد اطلعت على تقارير لبعض هذه الصناديق، يصدرها مجلس العائلة، فوجدت أن بعضاً منها قد تجاوز الثلاثين عاماً، وبدأ بمبالغ يسيرة وانتهى بميزانية سنوية بمئات الألوف والملايين، تسد رمق الجائعين، وترفد المحتاجين، وتساعد المعوزين والراغبين في الزواج، كما أن لبعض الصناديق أنظمة دقيقة، واستمارات سرية لدى أمناء الصناديق، قد لا يوجد بعضها في أنظمة بعض الجمعيات الخيرية، فلكل مستفيد رقم خاص مفهرس في الحاسب الآلي، يتضمن معلومات دقيقة بما صرف له.

وما يزيد على ما في الجمعيات أيضاً موضوع القرض الحسن، ويتلخص في إعطاء غير المحتاجين لمبالغ معينة دون فائدة، ممن لا يستحقون الزكاة ولا الصدقة، ولكنهم يمرون بضائقة مالية أو غيرها، أو المساعدة في فتح محل تجاري، ويسدد المبلغ بالأقساط دون فوائد، وإذا لم يكن لدى الصندوق هذا المبلغ فيتشفع الصندوق له عند أحد الموسرين من الأسرة وتحت كفالة الصندوق.. وبعض الصناديق تعدى نفعها المادي المباشر إلى أمور أخرى، كالبحث لأبناء الأسرة عن وظيفة.

وهناك تنظيم آخر لا يقل أهمية عما سبق، وهو فرز المبالغ إلى اشتراكات وصدقات عن مبالغ الزكاة، وصرف كل مبلغ لمستحقيه، ووفق ما يستحقه شرعاً، وفي هذا يتحقق أمران في غاية الأهمية، الأول: أن يضمن المزكي وصول ماله لمستحقيه، وذلك أمانة في عنق المزكي كفاه إياه القائمون على الصندوق، والأمر الآخر: أن الزكاة مع ذهابها لمستحقيها تعود لذوي القربى، وهم مقدمون على غيرهم.

وبالتأكيد أن هناك اختلافاً وتبايناً في حجم الصناديق وأنظمتها، وذلك عائد بكل تأكيد على حجم الأسر أصلاً، وإلى مصادر الدخل لها، وطبيعة القائمين عليها، ولكنها في المجمل العام ذات فوائد عديدة، وتعزز التكافل الاجتماعي بين الأسر، الذين هم لبنة من لبنات المجتمع.

ولقد سعدت حينما سمعت بإقرار مجلس الشورى لتوصية تخص هذه الصناديق عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية، حتى يتم إضفاء شيء من التنظيم على هذه الصناديق أو الجمعيات الأسرية، ولكنني في نفس الوقت أشدد على أهمية أن يكون لوزارة الشؤون الاجتماعية دور إيجابي في تفعيل هذه الصناديق من خلال تقديم مساعدات استشارية وتنظيمية، ومساعدات مالية لبعض الأسر غير الميسورة، وضم من يتم ترشيحهم من الأسر ضمن المستفيدين من الضمان الاجتماعي، واستقبال الفائض من صناديق بعض الأسر إلى الجمعيات الخيرية، وهذا الأمر (مستحيل).

لقد طالبت في موضوع سابق بضرورة تفعيل بعض المجالس العائلية والأسرية، وغيرها في الدعم المادي والمعنوي لأفراد الأسرة، والحث على نشر قيم التسامح، والتحذير من التعنصر، والتوعية بآثار حمل السلاح، ولقد علمت أن بعض الأسر -ومنذ عدة سنوات- أوقفت دعم أسر محتاجة من أفرادها لنزوة شيطانية، وغرور شاب طائش تعدى على نفس بريئة، وأصبحت الأسرة تجمع له غلة الصندوق، وتزيد عليها بسؤال الناس!

ومما لا شك فيه أن الوقاية خير من العلاج، وهو ما يجب أن يفطن إليه القائمون على شؤون المجالس العائلية، والصناديق الخيرية، ولقد رأينا النتاج المثمر، والجهد الطيب لهذه الصناديق، والمجالس في تبني الموهوبين والمبدعين من أبناء الأسر، وتشجيع حفظة كتاب الله، والمتفوقين دراسياً، ومعالجة غير الأسوياء والسفهاء، وأشياء كثيرة تستحق الذكر، وننتظر المزيد.



alomari1420@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد