Al Jazirah NewsPaper Friday  16/01/2009 G Issue 13259
الجمعة 19 محرم 1430   العدد  13259
وانهار ركن الأسرة
نايف بن حمود الرضيمان *

 

لكم أن تتصوروا ذلك الموقف الرهيب العصيب حينما يطلق الرجل تلك الكلمة (طالق) وربما كررها، فتقع كالصاعقة على المرأة، وإذا بها تهد أحد أركان البيت وتأتي عليه من أساسه، والأمر أشد وقعاً على النفوس حينما يكون ذلك على مرأى ومسمع من الأبناء، والأمر لا يوصف حينما تلملم المرأة متاعها فتقف على عتبة الباب فتلقي النظرات الأخيرة على عش الزوجية الذي طالما وجدت فيه الحنان والدفء والسكن، وتلك الوجوه البريئة من الأبناء قد علاها البؤس واليأس والكدر، فالعيون مغرورقة بالدموع، ,القوى تكاد تنهار، ولم يبق إلا الصراخ إن لم يكن حجم المصيبة أعظم من ذلك، لله يا أيامنا هذه كم فيها ممن هم على هذه الشاكلة، لقد كثرت المشاكل الأسرية التي في نهايتها انفصال الزوجين والتفكك الأسري حتى اصطلى بجحيم نارها المجتمع، وكان الحظ الأوفر من ذلك الجحيم على الأبناء، وما من مشكلة ومعضلة إلا ولها حل، ومن بحث عن ذلك وجده، وإغلاق الأبواب أمام الحلول، والحيلولة دون الاصلاح لاشك أنه من الرزايا، حال حدوث مثل ذلك تغيب عن الأذهان كل التبعات والأبعاد المترتبة على ذلك، وبعد فوات الأوان تستيقظ العقول من رقدتها وإذا بسفينة الحياة أبحرت وقد حملت بين جنباتها متاع الحياة الزائف، ونشرت ذلك الشراع المخرق الذي لا يدفعها للابحار إلا رويدا، ورفعت رايات الفشل في الحياة، تتقاذفها الامواج يمنة ويسرة، فتمد يدها بعد حين لمن لا يسمن ولا يغني من جوع، وقد كان في الأمر سعة قبل ذلك، حقا إنها مصيبة ومشهد من مشاهد الحياة البائسة رهيب.

على آذانا صاغية وقلوبا واعية تحضر حين قراءة هذه المقالة فأرمي إليها هذه الوصايا مذكراً بها راجياً نفعها وفائدتها:

- اعلموا يا رعاكم الله أنه لو سلم بيت من المشاكل والأكدار لسلمت بيوت الرسل والأنبياء ولكنها سنة الله في خلقه التي لا تتبدل ولا تتحول، ليبلوكم أيكم أحسن عملا.

- لابد من معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيته وتعامله مع أهله فالله تعالى يقول: و(لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ...).

- حصل بين أحد الصحابة وبين زوجته شيء فذهب يشتكيها إلى عمر بن الخطاب، فوجد الرجل زوجة عمر تراجعه وترفع صوتها عليه، فرجع الرجل، فدعاه عمر، وسأله عما جاء به فأخبره الخبر فقال عمر رضي الله عنه ذلك الكلام الجميل الذي ينبغي أن يعيه كل زوج: يا هذا إنها زوجتي، وأم ولدي، وطابخة طعامي، وغاسلة ثوبي، وعدد محاسنها ثم قال ألا أصبر منها على شيء من هذا، ثم قال: يا هذا: إن البيوت لا تبنى على الحب، وإنما تبنى على المودة.

- يجب أن يدرك الزوجان أنه حل المشاكل والخلاف ليس أحدهما خاسر للقضية والآخر رابح، بل ان الخسارة مشتركة كما أن الربح مشترك.

- على الزوجين أن يدركا أنه ليس في البيوت السعيدة استيفاء للحقوق كاملة، وإذا كان فيها هذا فإنها ان استمرت فترة فمصيرها إلى الفشل فلابد من التنازل أياً كان السبب ومهما كانت النتائج.

- أيضا لابد من إدراك الأحوال والأوضاع فالمرأة التي نرت بطنها للرجل وأنجبت كماً من الذرية، ليست كمن لم تنجب.

- لابد وأن ينأى الزوجان بمشاكلهما عن تدخلات الغير ولو كانوا أولي قربى، ووضع المشاكل في أضيق الدوائر، وإحكامها بسياج السرية المتين، إلا إذا لزم الأمر: (فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا).

- يجب على الزوجين وخصوصاً الزوج حفظ اللسان عن نقل كلام النساء فيما بينهن مدحا كان أو مذمة، فإن المدح يسبب الغيرة، والمذمة تسبب العداوة.

- يجب غسل المساوئ في وقتها ومحوها من قاموس الحياة الزوجية وعدم تركها لتترسب وتتراكم، فيرتبط الحاضر بالماضي السيئ.والله الموفق.

حائل


www.hailqq@gmil.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد