Al Jazirah NewsPaper Tuesday  20/01/2009 G Issue 13263
الثلاثاء 23 محرم 1430   العدد  13263
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل قفص (اللسان)..!
محمد بن عبدالعزيز الفيصل

 

من الصعب جداًّ بل إنّ البعض قد ينزله منزلة المحال .. أن يتجرّد الواحد منا من عواطفه وممتلكاته الفكرية، ليقف مستقيماً (عادلاً) فيبعد نفسه عن كلِّ مَواطن الشبهة والشكوك عند قرضه لأي مسألة أو قضية، طالما كانت مثاراً للجدل ومنبعاً للحوار العقيم الذي لا يمكن بأن يكون في يومٍ (صافٍ) من الأيام حكماً صادقاً منصفاً لأيّ جهة كانت،

ومع الأسف فلكل توجُّه فكري أو ثقافي تحزّباته وتقلّباته (السيميائية) التي لا يمكن التكهّن بها.

لو نظرنا بتفحص شديد إلى تلك المواقف السلبية التي استثمرها البعض ضد الهيئة، لوجدنا بأنها تتمحور حول تلك الحوادث الناتجة عن احتكاكهم مع الجمهور الذي فقد القدرة على تحمّل أي خطأ غير مقصود (عفوي) يمكن أن يبدر منهم؛ لسبب بسيط وهو أنّ اتهام الهيئة سيعتبر في حد ذاته جريمة نكراء، وبخاصة إذا كان ذلك على رؤوس الأشهاد ... ما يثير الشجون في هذا الشأن تلك الثُلَّةُ من (الحكواتيين) الذين أخذوا على عاتقهم تبنِّي هذه المواقف وغيرها، بل والنسج على غرارها - بغض النظر عن مصدرها - سواء أكانوا من الذين اكتسبوها سماعاً فلم يعاصروها وتمر بهم بشكل مباشر - كما يدعون - أو كانت من بنات أفكارهم (النيّرة) فقد اعتادوا على تكرار هذه القصص والنسج على غرارها، حتى وصل بهم الأمر إلى مرحلة متقدمة جداً، وهي أن يجعل الواحد منهم (نفسه) فارساً لإحدى هذه الملاحم البطولية، ليكون في نفس الوقت الظالم والمظلوم القاهر والمقهور والمنتصر أو المنهزم .. عفواً وفي نفس الحكاية!.

جمعتني الأقدار بأحد هؤلاء فكنا في مجلس واحد نتنفس نفس الهواء ونحتسي ذات القهوة، وكانت خيوط الحكاية التي ينسجها لا تبتعد في مكنونها عن جوهر الروايات التي يردّدها أمثاله من المهرة، ولكن ما يميز تلك أن راويها - غفر الله له - كان ينسجها، أقصد يرويها، بحماس شديد ومضَّطرد قلّما تجد شخصاً يحكيها بهذا الإخلاص والتفاني .. فما هي إلاّ لحظات معدودة من بدء العرض إلاّ وبأحد الحضور - بجانبي - يُشِيحُ بوجهه عن (المسرح) ليقول لي: بأنّ (الراوي) قد كرر هذه القصة عشرات المرات وفي كل مرةٍ يكشط ويعدل فيها حسب المزاج ووفق ما تشتهي نفسه؟!.. كيف لا ؛ فلكلِّ مقامٍ مقال، الشاهد في هذه الحادثة أنّ ديننا ومجتمعنا أصبح بين يدي عصبة لا تألو جهداً في محاربة الحقيقة ونشر الإشاعة مهما كانت بهدف التسلية!.. ومما يثير الاشمئزاز أنّ جزءاً من هذه الفئة قد انتقل إلى صفحات الإنترنت - بعد أن سئم منه جمهوره التقليدي - فصار يبحث في فضاء أوسع، لعلّه يظفر بجمهور جديد، يبث من خلاله ملاحمه البطولية ببهارات جديدة وبأسلوب راقٍ حديث، قد يجد من يستمع إليه داخل أروقة المنتديات وغرف المحادثة.

ومع يقيني بوجود التقصير داخل جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبار أنه جهد بشري قابل للخطأ والصواب، إلاّ أنه ينبغي علينا كمواطنين أن ندعم هذا الجهاز بنقدنا الهادف، وأن نبتعد عن كلِّ أمر من شأنه أن يغيّب الحقيقة أو يعتمها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد