Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/01/2009 G Issue 13265
الخميس 25 محرم 1430   العدد  13265
أما بعد
موقف يعلو على المزايدات
عبد الله بن عبد العزيز المعيلي

 

قبل أن يولد مراهقو السياسة، ومحبو أضواء شهرة المواقف، ومجيدو صفصفة معسول الكلام الفارغ من أي مضمون عملي، المتدثرون بعباءة مناصرة قضية فلسطين ودعمها، خاصة أولئك الذين يظهرون التأييد بالقول أمثال نجاد، في حين أن أفعالهم ومواقفهم تتعارض مع حقيقة باطنهم، فقبل أن يولد هؤلاء كان للمملكة العربية السعودية.....

.....موقف صادق أمين من قضية فلسطين وأهلها، وكيفية إدارة الصراع مع الصهاينة ومقاومتهم، والأحداث الأخيرة أثبتت صحة الموقف وصوابه، إنه الموقف الذي رآه الملك عبد العزيز- رحمه الله- وأعلن عنه صراحة، حيث رأى أن المخل الصحيح يتمثل في دعم الفلسطينيين وهم في أرض فلسطين، ومدهم بالمال والسلاح لأنهم الأعرف والأقدر على مواجهة الصهاينة، وألا يتدخل أحد في شئونهم، بحيث يديرون القضية بإرادتهم ورؤيتهم.

والمراقب للوضع السياسي للقضية في ضوء أحداث غزة يدرك أنه وضع في حالة مزرية بسبب الارتماء في أحضان الغير، فاختلط الحابل بالنابل، وبدت الفوضى والتردي، والتشتت والتمزق، وهذا الوضع انعكاس لبيئات الارتماء التي ارتهنت القضية لستثمرها متى شاءت، وحيثما أرادت.

فالموقف العربي والإسلامي من أحداث غزة كشف عن حالة من انحدار مؤشر الانتماء، وبدرجة حادة غير مسبوقة، وكشف عن انتكاسة في الوحدة والتوافق، وطغيان المزايدة والمتاجرة، مما جعل المواطن في العالمين العربي والإسلامي في حالة من الدهشة والذهول والخوف، لقد اندهش من عدم استيعاب الدروس من الأحداث السابقة، وكيفية إدارة الأزمات، والهرولة غير المجدية وراء سراب مجلس الأمن الذي يدار بإرادة أمريكية منحازة إلى الكيان الصهيوني دون خجل أو وجل، ومذهول من التراخي والتواني في التعامل مع الأحداث المفجعة في غزة، هذه الأحداث التي أرقت النفوس وأفزعتها، وأثارت فيها الحنق والغضب، وخائف من حالة التمزق التي سوف تفضي إلى تسلط العدو على الأمة يقطع أطراف جسدها الواحد تلو الآخر، خاصة بعدما أدرك أن لا صلة ولا تواصل بين أطراف هذا الجسد، فأحداث غزة لا يمكن أن يسوغ أسلوب التعامل البارد معها، مهما كانت المسوغات.

ولهذا لعل أحداث غزة تبعث في السياسة العربية مكامن القوة والتوحد، وتعيدها إلى رشدها وصوابها، وأن تتجاوز بها مرحلة المراهقة، إلى مرحلة الرشد والنضج، وأن تستثمر بشائر التغير الذي أحدثته هذه الأحداث في العقل العالمي الذي طالما ظل أسير معطيات الساسة الصهاينة في أمريكا وربيبتهم في فلسطين المحتلة، إن الظرف يحتم توحد لحمة الأمة، والتخلي عن شهوة أضواء المواقف، إلى الصدق في القول والعمل، وتملك الإرادة بالتحرر من التبعية، والتعامل مع قضية فلسطين باعتبارها القضية الجامعة، وإعطائها الأولوية باعتبارها الخيار الأول، والتعامل معها بمسؤولية ووفق ما يراه أصحابها، المرابطون على ثغورها، رحم الله الملك عبد العزيز، فما أصوب رأيه وما أحكمه، حيث سطر له التأريخ موقفه ورأيه الموفق المشهور، هذا الرأي الذي أثبتت الأحداث صدقه وصوابه، فهل من عودة إلى رأي حكيم يستلهم الحكمة من هذا الرأي وهذا الموقف؟ إن المدخل الصحيح لإعادة القوة إلى إدارة قضية فلسطين في بعدها السياسي والعسكري هو في الالتفاف حول رجالات فلسطين، وعدم التدخل في شئونهم، وتمكينهم من إدارة قضيتهم بإرادة حرة، وأيد متمكنة قوية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد