Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/01/2009 G Issue 13265
الخميس 25 محرم 1430   العدد  13265
صدى لون
حكايات لونية وتقنية!!
محمد الخربوش

 

تتضمن المشاهد التشكيلية المختلفة معطيات عدة تجعل منها نصوصاً ومنجزات فنية جديرة بالمشاهدة والحوار من قبل المتلقي؛ فكما نعلم أن لكل عمل فني سماته ومعطياته الفنية والجمالية والتقنية؛ وبالتالي تأتي معظم الأعمال وفق هذا المنظور وهذه المعادلة المتفق عليها زمانياً ومكانياً (في كل دول الأرض)، والتي تؤكد أيضاً أن المنجز الفني يظل حقاً مشاعاً لكل المتلقين بعيداً عن تنوع الجغرافيا والبيئات واللغات؛ وبالتالي فإن العمل الفني المنجز في أقصى الشرق من هذا العالم سوف يجد قبولاً ومتعة من قبل المتلقي في أقاصي الغرب مثلاً، وهذا بلا شك يؤكد أن للذائقة البصرية أدواراً مهمة في حكاية التشكيل؛ لأنه وكما نعلم فإن ما يميز المشاهد التشكيلية هو وجود روابط فنية وقيم جمالية وتقنية عالمية مشتركة. صحيح أن للثقافات والبيئات دوراً كبيراً في صياغة المنجز، لكنها تظل أدواراً مكملة من وجهة نظري؛ لأن الأساس في العمل الفني هو القيم الفنية والجمالية والتقنية وقدرة هذا العمل على إشاعة الجمال في عين وبصيرة المتلقي بعيداً عن كل ما يتضمنه العمل من حكايات أخرى ربما تكون موغلة في المحلية والخصوصية كأن يكون في العمل حكايات ومشاهد ونصوص ومضامين تتطرق إلى تراث وحضارة وتاريخ وبيئة صاحب المنجز؛ حتى أن بعض الفنانين - على سبيل المثال - تجد له بصمة دائمة لا تفارق أعماله أو ربما حكاية تظل هي ديدن الفنان أو ربما أنها تكون هماً يلازم الفنان في كل أطروحاته، كما في معظم أعمال التشكيلي (أحمد فلمبان) مثلاً، والذي قدمت أعماله للمتلقي شواهد مؤلمة لحالة البؤس والفقر العالمي والمجاعة في بعض دول الأرض بما يؤكد تفاعل الفنان ومعطياته وألمه للجراح أياً كانت.. أضف إلى ذلك ما نجده في أعمال التشكيلي الكبير (عبدالله الشيخ) من معالجات ونصوص ومشاهد يغلب عليها الآلة وأثرها في هذا العصر وما فعلته الآلة والتقنية الحديثة في عالم اليوم وطغيانها على كل القيم، بما في ذلك القيم الإنسانية والجمالية؛ حتى أن هذه الآلة أصبحت ربما حكاية ألم بما تخلفه أيضاً من خراب ودمار جراء الحروب والصراعات الدولية.. أيضاً نجد في أعمال التشكيلي الكبير علي الرزيزاء توجهاً مباشراً لمعطيات التراث وطراز العمارة والبناء والزخرفة الشعبية بما يؤكد ويوثق هذا الموروث الشعبي وقدرة الرزيزاء على خلق مناخات لونية وتقنية احترافية بما يمكن المشاهد أياً كان من قراءة نوافذ الجمال واستخلاص المتعة البصرية ومعايشتها بكل تفاصيل العمل، كما أن للخط والحروف العربية حكايات طويلة ومتنوعة لدى الفنان الجميل (ناصر الموسى) والذي أوجد مواءمة وتوليفة جمالية وتقنية رائعة فيما بين الحرف برشاقته واللون بكل معطياته؛ حتى أنها أصبحت بصمة فنية ملازمة له وحكاية فنية تخصه هو.. هذا الحال ينسحب على الكثير من الفنانين؛ فالحكايات في أعمال الفنانين عديدة والبصمات الفنية هي الأخرى موجودة في غالبية أعمال الفنانين، ولو استعرضنا فنانين آخرين لوجدنا أعمالاً كثيرة ومنجزات منوعة وتوجهات عدة في مجالات الروحانيات والبحر والنخيل والزخارف والحياة الشعبية البسيطة ومعطيات العصر وغيرها وفق أساليب عدة، لكن تظل التقنية اللونية والجمالية وبنائية المنجز هي المعادلة الأكثر أثراً وتأثيراً، وهي المطلب الأول في كل الأحوال؛ ومن هنا فإنني أعتقد أن من واجب الفنان أن يسعى إلى التطوير، خصوصاً في مجالات التقنية والأساليب، وهذا يتطلب مشاوير طويلة من البحث والتجربة والاطلاع.. وشكراً لكم أنتم..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد