Al Jazirah NewsPaper Friday  23/01/2009 G Issue 13266
الجمعة 26 محرم 1430   العدد  13266
مركاز
هموم صغيرة
حسين علي حسين

 

عندي اعتقاد جازم بأنني لو دخلت غرفة النوم لأنام مباشرة، فإنني لن أنام أبداً، ولم أبن هذا الاعتقاد مجازفة، لكنني جربت ذلك كثيرا، وكان يأتي الصباح وقد تقلبت بمعدل مرتين أو ثلاث في الساعة الواحدة، وقد أرجعت ذلك إلى عادة لم أستطع التخلص منها، رغم عشرات المحاولات، وهي القراءة على السرير، ساعة، ساعتين، ثلاث، يوميا، وقد تقصر المدة لكن العادة هي الأساس، والقراءة قد تكون مسلية وممتعة، وفي هذه الحال فإن الكتاب يأخذ من ساعات النوم القليلة أصلاً، وقد يكون الكتاب من تلك التي تتحول حالما أغلق عيني إلى ما يشبه الشريط السينمائي، حلم طويل يبقى معي حتى الصباح، وقد حاولت أن أتحاشى هذا النوع من الكتب لكن لم أستطع أو لم أعرف فقد يكون الكتاب مذكرات حربية أو رواية بوليسية أو دراسة اجتماعية عن مآسي الغجر أو العبيد وغيرهم من المهمشين.. وفي الحالات التي أحتاج فيها للنوم أتناول حبة مهدئة وأقرأ في كتاب من تلك التي تشبه الحبة الآنفة الذكر، وفي كتب اللغويات والفلسفة الشيء الكثير!.

ولأن هذه معاناتي مع النوم، ومعي الملايين فإنني أغبط من يدخل إلى غرفة النوم، فيطفئ النور، ثم يتلحف وينام حالا ولن توقظه حتى القنابل، ومثل هذه النوعية من الناس تمارس النوم العميق حالما تربط الحزام في الطائرة أو السيارة، وهي متعة حرمت منها مبكرا فلا نوم في الطائرة أو السيارة أو السرير دون محرضات أو مهدئات، إن النوم سلطان قاهر، هنيئا لمن يستطيع قهره متى أراد!

وقد قيل إن هناك عادات كثيرة للخلود إلى النوم، فقد كان نابليون ينام على حصانه، وهناك من يتمدد على الأرض فينام وكأنه على ريش نعام، وعندي صديق يأخذ قيلولته على كنبة بسيطة لمدة ربع ساعة ثم يتحول بعدها إلى شخص مفعم بالحيوية والنشاط، عكس بعض الناس الذين يحتاجون إلى وقت طويل ليستووا أناسا أسوياء رقيقي الطباع والملامح، وهناك من يتحولون إلى كائنات متوحشة لحظة النوم، فالويل للزوجة أو الابن إذا أيقظهم من النوم، وهذه الفئة من الناس لديهم الاستعداد للنوم المتواصل يوما كاملا أو بعض يوم، بل إن صديقا استغرق في النوم المتواصل ليومين كاملين، استيقظ بعدها وكأنه لم ينم سوى ثماني ساعات، مثل هذه النوعية من الناس ألا يشعرون بحاجة للأكل أو الذهاب إلى الحمام أو شرب الماء؟ أم أن لديهم من كل حيوان بري طبع!

إن الإنسان العادي الذي يدخل إلى السرير أو يجلس على الكنبة أو على الحصان، فينام حالا ليست مشكلة، المشكلة في هؤلاء الزعماء الذين بيدهم مقاليد أمور شعوبهم ولديهم من المشاكل ما ينوء بحملها الجبال، هؤلاء كيف ينامون؟ وكيف يبدو بعضهم نشيطا وأسود الشعر أنيقا ومرتاح البال هؤلاء الزعماء ما هو حجم قلقهم وكيف يتغلبون عليه إذا حانت لحظة النوم؟

شخصيا ليس لدي من التزامات سوى الذهاب للسوبر ماركت لجلب المقاضي ثم شراء الصحف والمجلات وانتظار المعاش منتصف الشهر، هذه الالتزامات اليومية البليدة هل تستاهل أن أقلق من أجلها فلا أنام إلا بعد أن أسم بدني بالعديد من الصفحات قبل أن أستغرق في نوم نصفه أحلام والنصف الآخر كوابيس.. إنها إرادة الله!

فاكس: 012054137



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد