سعادة رئيس التحرير.. حفظه الله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قرأت ما كتب في العدد (13258) بعنوان (اعتماد طريق القصيم- مكة المكرمة بطول 600كم) وفيه أن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل نائب أمير منطقة القصيم زف البشرى لأهالي المنطقة بمناسبة صدور الموافقة السامية باعتماد دراسة وتصميم طريق القصيم- مكة المكرمة المباشر والذي تم اعتماده في ميزانية عام 1430- 1431هـ، وأضاف أن إجراءات طرح المناقصة الخاصة بالمشروع ستتم خلال ميزانية هذا العام 1430هـ، وإنني أحيي في سمو الأمير هذه الروح العالية وهذا الجهد الدؤوب الذي بذله حتى تم اعتماد دراسة هذا الطريق فهو طريق ليس ككل الطرق ومشروع ولا كل المشاريع.. مشروع ليس الهدف من المتاجرة، وليس الهدف منه السياحة، إن الهدف الأساسي منه هو خدمة زوار أقدس بقعة على وجه الأرض وأقدس مكان (مكة المكرمة) مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية التي أضاءت شرق الأرض ومغربها.
ها هو الحلم يتحقق.. وها هو الطريق يصمم ويدرس وترصد له المبالغ فلله الحمد والمنة في الأسبوع الماضي تلقيت مكالمة هاتفية من سعادة مدير مكتب سموه الكريم يبلغني فيها بشرى سموه باعتماد دراسة وتصميم الطريق، وهذا دليل أكيد على اهتمام سموه بهذه المنطقة ومواطنيها هذه المتابعة المستمرة من سموه لهذا الطريق منذ أن كان نكرة حتى اعتمدت دراسته وتنفيذه في أجندة وزارة النقل دليل على أن المسؤول المخلص لا يمكن أن يثني عزيمته شيء، فشكرا لهذا الأمير الذي منذ أن قدم إلى منطقة القصيم وهو يتابع ويتابع مع المسؤولين في الوزارات وعلى رأسهم الوزراء ويؤازر سمو أمير المنطقة الأمير فيصل بن بندر لنهضة هذه المنطقة.
ولمعالي وزير النقل الدكتور جبارة بن عيد الصريصري جهود تذكر فتشكر.. ففي كل منطقة وكل صقع يقطع معاليه مئات الكيلومترات يتفقد هذا المشروع أو يتابع ذاك.. هذا الوزير الذي عرفه اقتصاد هذه البلاد بمعرفته طرقها التي هي شرايين الاقتصاد.. وقد ثبت لدي بالدليل متابعة معاليه لكل صغيرة وكبيرة.. فقد كتبت مرة عن طريقي الملك فهد والدائري الداخلي ببريدة وإذا بخطاب مكتوب بخط معاليه يصلني يوضح فيه كل الأمور الغامضة حول هذين الطريقين وأسباب تأخيرهما.. ولا يمكن أن يفعل مثل ذلك إلا من امتلأ إخلاصا وتفانيا لعمله.. فشكرا لهذا الوزير المتألق، وقد ذكر سمو نائب أمير المنطقة أن لمعالي وزير النقل جهودا مشكورة في متابعته لطريق (القصيم- مكة).. وفي اعتقادي أن هذا الطريق يعتبر من أهم الطرق التي تربط شرق المملكة مع غربها.. للأسباب الآتية:
1- لنتصور حاجا أو معتمرا قادما من العراق أو الكويت.. أو من شمال شرق المملكة (حفر الباطن- عرعر- رفحاء- منطقة القصيم بأكملها).. من أين سيتجه إلى مكة المكرمة سيسلك أولاً طرقا صحراوية مفردة ثم يتجه عبر طريق مفرد أيضاً وخطر، منطلقاً إما من منطقة القصيم ليتجه عبر طريق (القصيم- البجادية- عفيف) هذا الطريق يتفرع منه أيضاً طريق مفرد آخر عبر ضرية، وهذا الطريق الذي يتجه إلى الجنوب أولاً ثم يرتبط مع الطريق القادم من (الدوادمي إلى عفيف) طريق يعج بالإبل السائبة وبالشاحنات البطيئة أو المتعطلة وبالمنحنيات والمرتفعات والشعاب التي يتم ردم الطريق فوقها لتصبح ذات هوات خطرة بجانب الطريق، أضف إلى ذلك انعدام الخدمات للمسافرين عليه أو وجودها بشكل رديء مقزز، وقد شهد من الحوادث ما الله به عليم.. إن خدمة الحاج والمعتمر القاصد لبيت الله الحرام ليست مجالاً للمزايدات أو المتاجرة عبر خدمات رديئة، إنها شرف تعتز به هذه البلاد ويجب توفير طرق مريحة لهم وخدمات متميزة هي لا تقدم بالمجان وإنما خدمات يدفع لها المسافر أو الحاج.. إنني أتمنى ألا تأخذنا العاطفة أو النظرة القاصرة الدونية نحو ضرورة الإبقاء على خدمات متدنية ومقززة في كثير من الأحيان لتصبح هذه الخدمات عنوانا سيئا لبلادنا وإساءة لحجاج بيت الله الحرام وقاصديه..
وهذا الطريق المتعرج الطويل البالغ أكثر من 850كم انطلاقا من منطقة القصيم يمكن اختصاره إلى طريق لا يزيد على 650كم، وهذا الطريق حتى وإن تجنب الطريق القديم الذي لا يمكن تحويله إلى طريق حر وسريع بسبب مروره بقرى كثيرة له من الفوائد للقرى الواقعة على الطريق القديم الشيء الكثير فهو سيقلل من الاكتظاظ والحوادث المرورية بهذه القرى والمدن وسيفتح مجالا للاستثمار على طريق سريع ومزدوج ويكون ناقلا مروريا سريعا لسكان هذه المدن والقرى.. إن الحاج القادم من المناطق المذكورة سابقا سيسلك طريقا آخر قادما من الدوادمي إلى عفيف وهو أيضا طريق مفرد وخطر جدا ومليء بالإبل السائبة.. فلماذا كل هذه المخاطرة بهؤلاء.. إن الطريق الجديد ليس طريقا يخدم القادم من منطقة القصيم إلى مكة فقط ويجب أن يتم تسميته طريق (الحج) فهو كذلك قديما حيث إنه يسلك طريق (الحاج البصري) المعروف بصدر الإسلام.. فقد كان حجاج بيت الله الحرام القاصدين له قادمين من العراق إبان ازدهارها في عهد الدولة العباسية وما تلاها من العصور يسلكون طريقا قادما من البصرة مرورا بمنطقة القصيم بدءا من الأسياح (البناج) ثم عنيز ثم رامتان ثم ضرية ثم عنيزة ثم ميقات ذات عرق الواقع إلى الشرق من مكة المكرمة وهو الميقات الأصلي لأهل نجد، وإحياء هذا الميقات سيكون ميقاتا لهؤلاء بدلاً من الزحام الواقع على ميقات السيل الكبير وطرقه المتعرجة، فمن يقصد مكة حاليا لابد أنه يمر بميقات السيل الكبير وسط جبال الطائف ويسلك طريق السيل المتعرج المليء بالشاحنات وبسيارات الحجاج والمعتمرين.
2- إضافة إلى كون طريق (الحج) المقترح لينطلق من القصيم إلى مكة حيث إن هذه المسافة هي المتبقية بدون طرق من شمال شرق المملكة إلى مكة سيكون طريقا اقتصاديا مهما.. لماذا؟ لنتصور شاحنة متجهة من الرياض إلى جدة أو مكة (طريق الجبيل- الدمام- الرياض- الطائف) يشهد أكبر حركة شاحنات على الإطلاق على طرق المملكة. لا شك أنها ستتجه إلى مكة وجدة عبر الرياض ثم عبر الطائف لتدخل مع الطريق المتعرج المتجه من الطائف إلى مكة (طريق السيل الكبير) وتحدث ربكة وحوادث فيه ثم عبر طريق مكة الدائري وبالتالي إحداث زحام في الطائف ومكة وحوادث كثيرة، أما في حالة وجود طريق مزدوج وسريع يسير إلى الشمال من عفيف وظلم فإنه يمكن وضع وصلة قصيرة إلى هذا الطريق امتدادا من ظلم وبالتالي تخفيف الضغط المروري في الطائف وطريق السيل بسبب هذه الشاحنات.
وإنني أخيرا أهنئ حجاج بيت الله الحرام بهذا الطريق المهم وأشكر سمو نائب أمير منطقة القصيم على جهوده الموفقة وأشد على يديه بسرعة المتابعة بتنفيذ هذا الطريق فهاهو الحلم يتحقق ولله الحمد أولا وآخرا.
م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني