Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/01/2009 G Issue 13267
السبت 27 محرم 1430   العدد  13267
أضواء
تطابق مصالح الأعداء
جاسر عبدالعزيز الجاسر

 

ولأن العمل العربي المشترك يتهيأ للانطلاق مجدداً، بعد أن غسلت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الكويت الاقتصادية (قلوب العرب) وأعادت عيون البعض (الزائغة) التي اتجهت بنظراتها صوب الغرباء؛ ليعود الوئام إلى الصف العربي وتنطلق من أرض الكويت (مسيرة مصالحات) عربية، تأمل الجماهير العربية أن تتواصل؛ لتزيل كل شوائب الأشهر الماضية التي حفلت بالخلافات، والتي كانت المحرض الأساسي لشن العدوان الإسرائيلي على غزة، وقبله على جنوب لبنان.

فضعفنا الذي ولدته الخلافات وتدخل الغرباء في الشؤون العربية الداخلية، أغرى العدو الإسرائيلي بنا، بعد أن هيأت له تدخلات الغرباء المبرر الذي يبحث عنه للتوسع على حساب أرض العرب، وإبادة مَن يقف في وجه مخططاته.

في علم السياسة هناك بديهية تقول الوصول إلى النتائج المستهدفة يوحد مصالح الأعداء، ويجعل أفعالها تسير في خطوط متوازية، رغم أن الأعداء يجب أن تتقاطع أفعالها عند مواجهتها بعضها لبعض، إلا أنه عندما يسعى كل طرف من هؤلاء الأعداء، سواء كانوا طرفين كما في القضايا العربية التي يحرص الأعداء على أن يكون مسرح صراعهما على الأرض العربية، فلا غير أن تتوازى الأفعال ولا تتقاطع ما دامت النتيجة التي يسعى كل طرف منهم للوصول إليها تتحقق من خلال السير المتوازي لأفعالهما. وهذا ما نراه في أفعال إسرائيل وحليفتها أمريكا، ومدعي نصرة القضايا العربية إيران ومناصريها وحلفائها الذين يأتمرون بأمرها.

فعن أفعال إسرائيل وحلفائها وتوازنها في السير لحصد مكاسب على حساب العرب، وعن أفعال مَن يرفع (يافطة العداء اللفظي) من جماعة إيران، وإيران نفسها، يرصد المراقبون الكثير من الأفعال التي حققت نتائج جاءت لصالح تل أبيب وطهران معاً على حساب العرب، حتى مَن تدثروا بعباءات ملالي إيران نالهم نصيب من الغدر، بل كانوا الأكثر ضرراً من بين العرب؛ فدُمرت بلدانهم أو عُزلت سياسياً وحُصدت أرواح أبنائهم، وابتعد عنهم إخوانهم العرب بعد أن وجدوا منهم عزوفاً عن سماع النصح.

وهكذا حصدت إسرائيل، الفعل الإيراني بالتدخل في الشؤون العربية، وتوظيف المذهب لخدمة النفوذ السياسي الساعي لتحقيق مصالح قومية بحتة وهيمنة إقليمية من خلال توظيفها لادعاءات دعم القضايا العربية، وخصوصاً القضية الفلسطينية، على الرغم من أن المتمعن في أفعال إيران التي يقوم بها حلفاؤها تفضح زيف هذا الادعاء؛ فحلفاء طهران في العراق والمليشيات المذهبية هناك قامت في عمل شائن لها في العراق بطرد وإبعاد الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في العراق منذ أيام النكبة إلى الحدود مع سوريا والأردن، وبؤس المخيمات التي لجأ إليها الفلسطينيون المقيمون في العراق والتي لها أكثر من خمس سنوات شاهد على توازي الفعل الإيراني مع الفعل الإسرائيلي؛ فكلا العدوين يبعد ويهجر ويطرد ويقتل، والفلسطينيون، بمن فيهم جماعتا حماس والجهاد، يعرفون كم قتلت المليشيات الشيعية التي أنشأتها إيران في العراق من الفلسطينيين في العراق!

أما الفعل الإيراني المتوازي مع الفعل الإسرائيلي الأكثر خطورةً فهو ما زرعته طهران من خلافات في الجسم العرب، من خلال العمل على نشر التشيع السياسي الذي غلفته برداء دعم المقاومة والذي سلك طريق التشكيك والتخوين بين العرب أنفسهم؛ مما أضعف العرب وجعل منهم فريقين، وشجع العدوان الإسرائيلي على شن عدوانه السابق في جنوب لبنان وعدوانه الأخير في غزة، والذي لن يكون الأخير إذا لم يتشبث العرب ب(طوق النجاة) الذي ألقاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الكويت من خلال مبادرته التي تؤكد أنه لا منجاة للعرب إن لم يعالجوا خلافاتهم ويقطعوا الطريق على كل غريب وعدو للتدخل في شؤونهم الداخلية، سواء كان قادماً من الغرب أو الشرق.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد