Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/01/2009 G Issue 13267
السبت 27 محرم 1430   العدد  13267
توقعات: النفط بين 35 و55 دولاراً خلال العام الجاري
في 2009: النفط متشائل.. وأرباح الشركات في مصيدة الأزمة

 

الكويت - «الجزيرة»:

هدأت دوامة الهبوط المستمرة في أسعار النفط مدعومة بالتخفيض الهائل في إنتاج النفط الذي أقرته أوبك، بالإضافة إلى الضغوط الجيوسياسية التي دعمت أسعار النفط في حين أن الرؤية الاقتصادية المتشائمة مازالت مهيمنة. وانخفض سعر النفط الخام الأمريكي وصولاً إلى 30 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ 5 أعوام، قبل أن يعود ليسجل انتعاشا بسيطا. تراجع النفط الخام الأمريكي بنسبة 8.9 في المائة خلال الفترة من 7 ديسمبر 2008 إلى 16 يناير 2009 ليستقر عند مستوى 36.51 دولار للبرميل وهو أدنى مستوى بلغه منذ شهر أبريل من العام 2004م. كما فقد النفط الخام الأمريكي 74.8 في المائة منذ مرحلة تسجيله سعرا قياسيا عند 145.16 دولار للبرميل، المسجلة في 14 يوليو من العام 2008م. وما زالت الأخبار الاقتصادية السلبية تتدفق في الوقت الذي بدأت فيه تقارير الأرباح تعكس وقع الأزمة الاقتصادية الراهنة المصحوبة بارتفاع معدل البطالة الأمريكية ليصل إلى 7.2 في المائة، وهو أعلى معدل خلال 15 عاما. ومع ذلك، ساهم تخفيض إنتاج النفط والصراع المستمر في الشرق الأوسط والنزاع الأوكراني - الروسي على الغاز، في تجنب المزيد من الانهيار في أسعار النفط الخام. وواجهت سلة أوبك اتجاها سلبيا في أول أسبوعين قبل أن ينتعش على نحو كبير في الأسبوعين الأخيرين محققا زيادة بلغت نسبتها 3 في المائة ليستقر عند سعر 42.17 دولار للبرميل.

الطلب العالمي على النفط

رجح بيت الاستثمار العالمي جلوبل في تقرير له أن يقتصر الطلب العالمي على النفط على 85.66 مليون برميل يوميا في العام 2009، بتراجع بلغ 0.2 مليون برميل يوميا عن العام السابق. وتوقع أن يتجاوز انخفاض معدل الطلب على النفط في الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، معدل انخفاض الطلب في الدول غير الأعضاء في المنظمة. ويعزى نمو الطلب العالمي إلى الصين والشرق الأوسط وغيرها من الدول الآسيوية التي من المنتظر أن تساهم بنسبة 78 في المائة من معدل نمو الطلب العالمي المتأتي من الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. هذا ويعد السبب الرئيسي في تراجع الطلب العالمي على النفط، إلى التدني المتوقع في طلب الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بمقدار 0.98 مليون برميل يومياً للعام 2009م. وبدوره، يعود السبب وراء تراجع طلب في هذه الدول الأعضاء إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر اقتصاد في العالم والمستهلك الأول للنفط. فقد دخلت الولايات المتحدة الأمريكية رسميا في مرحلة ركود اقتصادي في شهر ديسمبر من العام 2007م. ومن المنتظر أن تتفاقم أزمة البطالة في العام 2009، مما يشير إلى أن الركود الاقتصادي سيستمر فترة طويلة ليحد من الطلب العالمي على النفط في العام 2009م.

وبناء على منظمة الأوبك، توقع تقرير جلوبل أن يصل معدل الطلب العالمي على النفط للعام 2008 إلى 85.84 مليون برميل يوميا، أي بتراجع نسبته 0.05 مليون برميل يوميا مقارنة بالعام السابق. ومن الجدير بالاهتمام، أن هذه هي المرة الأولى منذ العام 1983 التي يتراجع فيها نمو الطلب على النفط. حيث تصاعد معدل الطلب بمتوسط بلغ 1.9 في المائة منذ العام 1983م. مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط وإلغاء المساعدات للدول النامية في الأشهر السبعة الأولى، إلى انهيار معدلات الطلب. ثم جاءت الأزمة الائتمانية في الجزء الأخير من العام، الذي اتسم بحالات الإفلاس وخطط الإنقاذ، لتبطئ العجلة الاقتصادية وتحد من الطلب على النفط، مما انعكس بوضوح في التدني الحاد في أسعار النفط.

2008 عام التقلبات في أسعار النفط

شهدت أسعار النفط الأمريكية تقلبات كبيرة في العام 2008، وبلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 147.27 دولار أمريكي للبرميل في النصف الثاني من العام، تلاها انخفاضا بنحو 115 دولار أمريكي وصولا إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب أربع سنوات عند سعر 32.4 دولار أمريكي للبرميل في ديسمبر.

وأشار تقرير لبيت الاستثمار العالمي (جلوبل) لنشاط أسواق النفط خلال العام المنصرم إلى أن النصف الأول من 2008، لعب انخفاض قيمة الدولار الأمريكي دورا مهما في ارتفاع أسعار النفط مع زيادة تدفق الاستثمارات الجديدة المضاربة في العقود الآجلة للنفط الخام، مما ساهم في دفع الأسعار للارتفاع بدرجة أكبر من المستويات التي تبررها العوامل السياسية. وقال التقرير إن ضعف الدولار الأمريكي أثر على أسعار النفط من خلال محافظ الأصول البديلة، ويحدث ذلك عندما ترتفع بعض الأصول، مثل العقود الآجلة للنفط الخام وتحل محل بعض الأصول المنخفضة، مثل الدولار الأمريكي، أو عندما تستبدل الأصول التي يتوقع لها أن تستفيد من انخفاض الدولار الأمريكي، مثل سلال السلع الأساسية ومؤشرات الصناديق، بالمحافظ الاستثمارية مما يؤدي بشكل غير مباشر على عمليات الشراء لعقود النفط الورقية.

وبيّن التقرير أن اضطرابات أسواق الأسهم العالمية الرئيسية ساهمت في تشجيع المستثمرين بالبحث عن عوائد أفضل في أسواق السلع الأساسية. فيما كان لارتفاع السلع الرئيسية الأخرى ووصولها إلى مستويات قياسية جديدة، مثل الذهب، الفضة، البلاتين، البن، الصويا والذرة، تأثيراً جزئياً على أسعار النفط. بالإضافة إلى ذلك، دعم التوتر بالنزاع على الأصول في أمريكا الجنوبية، والتطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وغرب أفريقيا واستمرار قلة المعروض النفطي، وسط موجة باردة في الولايات المتحدة، للمزيد من الاستثمارات المضاربة في سوق الطاقة. كما ساهمت عوامل أخرى كإضرابات عمال النفط، وأعمال الصيانة الواسعة في غرب أوروبا، وتباطؤ الأداء في روسيا خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي واستمرار التدهور الحاد في الإنتاج لحقل كانتاريل المكسيكي على ارتفاع أسعار النفط.

وقد واصلت أسعار النفط اتجاهها التصاعدي على الرغم من وجود عدد من التطورات المؤثرة في الاتجاه المعاكس. فقد تراجعت توقعات نمو الطلب العالمي على النفط بشكل حاد في الربع الأول من العام 2008، وارتفع إنتاج الدول المصدرة للنفط في منظمة أوبك مما قلص من الطلب على النفط، وبقاء المخزون التجاري لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فوق متوسط الخمس سنوات، وارتفاع مخزون النفط الأمريكي ليسجل أعلى مستوى له في تسعة أشهر. في المقابل، فقد شهدت مناطق مثل الصين الهند، الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية نمواً إيجابياً على الطلب. وعلاوة على ذلك، فإن الاقتصاد الأمريكي بدا من المحتمل جداً انزلاقه إلى الركود وانكماشه في النصف الأول من العام 2008 بسبب استمرار الضعف في أسواق العمل. حيث انخفضت قوائم العمالة وثقة المستهلك بشكل حاد، واستمر الانكماش في قطاع الإسكان. أما في منطقة اليورو، فقد ظهرت بوادر لتباطؤ معدلات النمو والنشاط الاقتصادي في العديد من دول المنطقة بما في ذلك ألمانيا، والتي تعد صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا. وبالمثل فقد شهد النمو الاقتصادي الياباني انخفاضاً حاداً مما يشير إلى انخفاض الطلب الياباني على النفط.

في النصف الثاني من 2008 اتخذت الأسعار منحى تنازلي نتيجة لتزايد ضعف العوامل الأساسية، ويرجع ذلك أساساً إلى تدهور التوقعات الاقتصادية، واستمرار انخفاض نمو الطلب على النفط ووفرة المعروض.

وانخفضت أسعار النفط في النصف الثاني من يوليو ومطلع أغسطس على ضوء ضعف العوامل الأساسية وعلى خلفية الانخفاض العام في العديد من السلع الأخرى بما فيها الغاز الطبيعي. وتراجعت الأسعار بنحو 115 دولاراً أمريكياً منذ أن سجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق في 11 يوليو 2008 عند 147.27 دولار أمريكي للبرميل، لزيادة المعروض من دول أوبك، وتراجع الطلب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وانخفاض واردات الصين من النفط مع مرور أول الأعاصير الموسمية في خليج الولايات المتحدة دون حدوث أي شيء يذكر عدا عن الإغلاق التحوطي المسبق. وعلاوة على ذلك، كان لتراجع حدة التوترات السياسية في بعض المناطق المنتجة للنفط، وقوة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى، الأثر في تراجع الحوافز الاستثمارية في سوق السلع بما فيها النفط كإجراء تحوطي ضد تحركات العملات ومعدلات التضخم، على الرغم من وجود بعض العوامل الجيوسياسية في غرب أفريقيا والشرق الأوسط والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار ولكن قوة الدفع إلى أعلى لم تدم طويلا.

وقال تقرير بيت الاستثمار العالمي إن الاقتصاد العالمي بدا وكأنه ينتقل من سيئ إلى أسوأ، حيث تباطأ الاقتصاد بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً، والتي انعكست على تراجع توقعات النمو الاقتصادي للفترة المتبقية من العام 2008 والعام 2009م، حيث إن عدم اليقين بشأن خطط الإنقاذ التي قررتها الولايات المتحدة مع تزايد الاضطرابات المالية في جميع أنحاء العالم، مما يشير إلى عمق المخاوف من الانزلاق نحو الركود الذي يلوح في الأفق، كما كان لتراجع أسواق الأسهم العالمية إلى أدنى مستوياتها منذ خمسة أعوام، على الرغم من الخطوات المتخذة من جانب البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم للحفاظ على النظام المالي وتسليط الأضواء على الشعور الاقتصادي، الأثر على تراجع الأسعار أيضاً، إضافة إلى ذلك، فقد أفادت التقارير الصادرة أن بعض الدول قد دخلت في مرحلة الركود مما زاد المخاوف من تدهور الطلب على النفط، فيما استوعبت الأسواق بعض عمليات الشراء التي نتجت عن انخفاض الإمدادات من قبل منظمة أوبك (تم تخفيض 4.2 مليون برميل يومياً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2008 من قبل المنظمة)، وإعلان الصين عن خطط التحفيز الاقتصادية، وقدوم الإدارة الأمريكية الجديدة. مع ذلك، فقد طغت توقعات ضعف الطلب من جانب المؤسسات الرئيسية، لانخفاض النمو الاقتصادي وظهور الكساد في بعض البلدان، على الاتجاه التنازلي لأسعار النفط.

وتوقع التقرير أن تبقى أسعار النفط ثابتة، لتتراوح ما بين 35 و55 دولاراً أمريكياً للبرميل في النصف الأول من العام 2009، في انتظار المزيد من المؤشرات الاقتصادية في البلدان المتقدمة والآثار المترتبة لخفض منظمة أوبك الإنتاج والتي بدورها قد تؤدي إلى نقص في إمدادات النفط في حال ظهور علامات على تعافي النمو الاقتصادي في النصف الثاني من العام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد