Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/01/2009 G Issue 13267
السبت 27 محرم 1430   العدد  13267
الاندماج العمودي للثقة
بقلم ويليام جي أميليو

 

لقد أدى الاضطراب في الأسواق المالية العالمية والخوف المتنامي اتجاه حالة الركود العالمية إلى قيام العديد من الأشخاص بطرح مجموعة من التساؤلات الهامة حول الاقتصاد العالمي المترابط بشكل كبير. ولكن بدلاً من رؤية هذه الأزمة كانهيار للعولمة، يجب علينا النظر أيضا إلى المطالبات الرجعية للانعزالية والتقوقع والرجوع لأيام الاقتصاديات الأكثر مركزية والتي هي عبارة عن: محاولة يائسة لإسدال الستارة على الشفافية.

لأن الاقتصاد العالمي 2.0 هو عبارة عن شبكة مترابطة بشكل معقد جداً، فإنه من المفهوم بأن أي شيء يضعف من حالة الثقة بين عدد من المشاركين سوف يصبح وبسرعة فجوة ثقة رئيسية، وضمن هذا المفهوم فإن الترابط، الذي أصبح ظاهرة من خلال زيادة مستوى التباطؤ الاقتصادي الذي يلف العالم، يزيد من حجم المشاكل التي نواجهها.

إن إفساد البوصلة الأخلاقية للرأسمالية قد أدى إلى انهيار الثقة على مقياس كبير جداً. إن انعدام العقلانية بالإضافة إلى الجشع وانعدام الشفافية قد أدى إلى وضع لم يعد يثق الناس بأن الآخرين الذين تعاملوا معهم سوف يدفعون ديونهم، أو أنهم قد قيموا أصولهم بشكل صحيح. وعندما لا يثق الناس ببعضهم البعض، لا يقومون بالعمل مع بعضهم البعض.

وكما لاحظت الكاتبة مارغريت أتوود في مقالتها بصحيفة النيويورك تايمز مؤخراً، من أجل استرجاع الثقة يجب علينا (إصلاح ذلك التوازن الأخلاقي الذي يجعل تلك الفوضى تتلاشى). يقوم الأشخاص بمساءلة القادة في مجال الأعمال والحكومة. هل بإمكاننا الثقة بنواياهم وأحكامهم وإمكانياتهم لعمل الشيء الصحيح؟ وهل يقومون بتقديم نتائج؟ إنها أكثر من مجرد نظرية بالنسبة لي.

إن الشركة التي أقودها هي فعلاً شركة عالمية، لها جذور في كل من الولايات المتحدة والصين وإدارة عليا تتكون من عشر جنسيات. ومن أجل أن تعمل شركتي بالشكل الجيد، فإن الشيء الأول الذي كان يجب علينا تطويره هو الشعور المشترك بالثقة، لنحترم بعضنا البعض ولنكون قادرين على وضع جسور بين حضارات الشرق والغرب.

يجب على مزودينا وشركاء الأعمال لدينا أيضا أن يعيشوا في نفس جو الثقة هذا. وأيضاً عملاؤنا ومستثمرونا والمجتمعات التي نعمل بها. إن الاندماج العمودي للثقة يجب أن يتجاوز كافة العوائق الوطنية والثقافية.

لماذا؟ لأنه عندما تكسب شركتي هذه الثقة من خلال الاعتراف بأفضل المواهب والأفكار وتكريمها بغض النظر عن المكان، فإنها تقوم بالعمل الصحيح، ويقوم الآلاف من الأشخاص في العديد من البلدان بعمل الصحيح أيضاً. وإذا اخترنا تفضيل أحد هذه الأمم على أخرى فإن ذلك سوف يزعزع هذه الثقة ويسيء إلى شركتي وإلى كل شخص يعتمد علينا.

بينما نقوم برؤية أنفسنا من خلال نوايانا، يقوم الآخرون برؤيتنا أهلا للثقة بالاعتماد فقط على سلوكنا. إن بناء هذه الثقة يتطلب القيادة الأمينة والشجاعة. إن ذلك يعني أن نقوم بالتصريح عن نوايانا بشفافية تامة. إن ذلك يعني بأن نكون منفتحين وصادقين حول حقيقة الوضع، وحتى عندما لا تكون الأخبار كلها جيدة. إن ذلك يعني بأن نعمل بثقة، ونتخذ القرارات الصعبة عندما يكون علينا اتخاذها. إن ذلك يعني احترام كافة الثقافات ومعاملة كافة الأشخاص بشكل عادل.

إن الحاجة إلى قيادة جريئة وإعادة بناء الثقة هو أمر غير محدود بعالم المال والأعمال. يجب على قادتنا الوطنيين أيضا العمل على إصلاح الثقة المهزوزة. وبشكل خاص، يجب على الغرب تأسيس روابط ثقة طويل الأمد مع الصين، والعكس أيضاً، بالرغم من الاختلافات الثقافية المتواجدة. إن القيام بذلك في وجه المطالبات بالانعزالية الاقتصادية هو بالحقيقة قيادة شجاعة، لأن الاقتصاد العالمي 2.0 ليس نوعا من الأفكار المؤقتة التي يمكن إلغاؤها.

إنه لمن المهم أيضا فهم أن البلدان النامية، والصين بالأخص، ستكون طرفاً رئيسياً من الحل.

لدى الصين 1.8 تريليون دولار أمريكي كاحتياطي من العملات الأجنبية، وهو نقدية من الممكن استثمارها لتعزيز حالة التعافي الاقتصادي في بيئة من الثقة.

لدى الصين والهند والبرازيل وروسيا قاعدة هائلة من المستهلكين ترتفع بشكل حتمي نحو الطبقة الوسطى؛ المستهلكون الذين يريدون المشاركة بتكريم العالم. إن ذلك سوف يؤدي أيضا إلى النمو. وعليه فإننا لا نستطيع حقيقة أن نأمل بأن تصحح هذه الأزمة العالمية إذا اختارت بعض الأمم بأن (تكون لوحدها).

في الحقيقة، إن قابلية الاقتصاد العالمي 2.0 للمخاطرة وبناء النمو في البلدان النامية من الممكن أن يكون هو الأمر الذي سيخلصنا من هذه الفوضى، وبشكل أسرع. وإن كان باستطاعتنا، ضمن هذه العملية، إعادة تأسيس اقتصاد عالمي يبنى على مبادئ الثقة والصدق والكمال، من الممكن أن ننجح في هذه المرة.

السيد ويليام جي أميليو
رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لمجموعة لينوفو - مشارك منتدى التنافسية الدولي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد