Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/01/2009 G Issue 13267
السبت 27 محرم 1430   العدد  13267
القوائم المالية الموحدة تسر الناظرين!
الشركات تعوض الخسائر بالتبريرات!

 

د. حسن الشقطي

عاش سوق الأسهم حالة من الاضطراب خلال الأسبوع الماضي تزامن مع متابعة المتداولين إعلانات نتائج أعمال الشركات القيادية.. حيث أعلنت البنوك وسابك والاتصالات عن نتائج أعمالها، وجاء بعض هذه النتائج على غير المتوقع، وخاصة فيما يخص نتائج أعمال شركة سابك والتي اتضح أن صافي أرباحها تراجع من مستوى 6870 مليون ريال خلال الربع الرابع من 2007م إلى حوالي 311 مليون ريال خلال الربع الرابع 2008م، وهي نسبة عالية وغير متوقعة لدرجة أن البعض يعتبرها خسارة وليس ربحا.. أيضا أعلنت الاتصالات عن تراجع صافي أرباحها بنسبة 62%.. وفي ضوء ذلك، فقد تذبذب المؤشر العام للسوق خلال نطاق مداه وهو 4352 إلى 4935 نقطة، ليغلق عند 4557 نقطة بخسارة لنحو 379 نقطة عن مستوى الأسبوع الماضي، رغم إغلاقه الإيجابي. وقد تكدس هذا الأسبوع بالعديد من المؤثرات المتداخلة، بعضها إيجابي مثل إيقاف الهجوم على غزة، وبعضها سلبي مثل تراجع جديد لأسعار النفط بفعل شبه انتهاء أزمة الغاز الروسية، ليصل سعر خام Nymex إلى نحو 34 دولارا كأدنى قاع. بل إن هناك مؤثرا قد يصعب تحديد تداعياته الحقيقية على السوق وهو القمة الاقتصادية العربية المنعقدة في 19 - 20 يناير الحالي، والتي إن فُعلت قراراتها فقد يكون لها تأثيرات كبرى على العديد من الجوانب الاقتصادية في الوطن العربي، وبما فيها أسواق الأسهم المحلية.

البنوك السعودية الأقل خسارة حتى الآن:

بلغ إجمالي صافي أرباح البنوك الثمانية التي أعلنت عن نتائج أعمالها (وهي البنوك الكبرى في السوق تقريبا) عن الربع الرابع من 2008م حوالي 3.9 مليارات ريال مقارنة بحوالي 4.3 مليارات ريال عن الربع الرابع من العام الماضي 2007م، وذلك بتراجع قدره حوالي 5.9%. وبالطبع فإن التفسير الأكثر أهمية لهذا التراجع هو الأزمة المالية العالمية، وحالة الاضطراب التي مر بها الجهاز المصرفي العالمي ككل. هذا وينبغي توضيح أن هذا التراجع يعتبر أقل من المتوقع في ضوء معرفة حجم خسائر المصارف في الدول الأخرى، بمعنى أن البنوك السعودية يعتبر أداؤها متميزا بحيث إنها تمكنت من الخروج بهذا القدر الضئيل من الخسائر. ولكن لا يمكن الجزم بذلك بشكل كلي إلا بعد صدور نتائج النصف الأول من عام 2009م، حيث أنه قد يكون للأزمة العالمية على البنوك المحلية تداعيات سلبية متبقية أخرى لم تتضح بعد.

وكان المتداولون يتطلعون إلى التعرف على حجم التطور في حجم استثمارات كل بنك قبل وبعد نتائج الربع الرابع 2008م، إلا أنه لسوء حظهم أن هذه البيانات لم تنشر حتى الآن. وهذه البيانات هي التي ستحدد حجم التأثير الحقيقي للأزمة العالمية على البنوك المحلية.

تفسيرات سابك حول مسببات التر اجع الحاد في أرباحها!

أعلنت شركة سابك نتائج أعمالها عن الربع الرابع 2008م، حيث بلغ صافي الربح خلال هذا الربع نحو 311 مليون ريال، مقابل 6.87 مليار ريال للربع الرابع من عام 2007م، بانخفاض قدره 95%، وهي النتيجة المفاجئة من حيث حجم التراجع.. فكافة التوقعات كانت تتنبأ بأن يكون التراجع في أرباح سابك في حدود 50% فقط على أقصى تقدير، ولكن لتصل حجم هذه الخسائر إلى نحو 95%، فهذا هو غير المتوقع تماما. وقد فسرت الشركة هذا التراجع الحاد بتراجع الطلب على المنتجات البتروكيماوية وبحالة الركود الاقتصادي وأزمة الائتمان، وقد أشار إعلان الشركة إلى أن هذه العوامل مجتمعة قد أثرت بشكل جوهري على أداء ونتائج جميع شركات صناعة البتروكيماويات في العالم سلباً، الأمر الذي سبَّبَ إغلاق عدد كبير من المصانع وتسريح مجموعات كبيرة من الموظفين في تلك الشركات، وقد يتفق الكثير مع إعلان الشركة في ذلك، لكن يختلف معه في توقعه بأن تسهم استثمارات (سابك) في السنوات القليلة الماضية في زيادة كميات الإنتاج، مما سيكون له آثار إيجابية على أداء ونتائج الشركة خلال السنوات القادمة، وإذا استمرت أسعار النفط تحوم حول مستويات الـ30 والـ40 دولارا، فإن هذه الاستثمارات قد تقود إلى مزيد من الخسائر، وخاصة أن هناك كثيرا من استثمارات سابك قد تصبح غير مربحة تجاريا عند تراجع مستويات أسعار النفط عن حدود معينة تم الارتكاز عليها عند بناء هذه المشاريع الجديدة.

تراجع أرباح الاتصالات!

أعلنت شركة الاتصالات أيضا عن تراجع في صافي أرباحها للربع الرابع 2008م عنه في 2007م بمعدل 62%، وهي نسبة مرتفعة ولم تكن بالحسبان أن تحدث بهذا الشكل.. فسوق الاتصالات لا يرتبط بأسعار النفط، بل إن كافة أسواق الخدمات وعلى وجه التحديد الاتصالات بها طفرة نوعية وكمية في السوق السعودي.. وفسرت الشركة انخفاض صافي الربح بفروقات العملة في الاستثمارات الخارجية للشركة، وهي تشير إلى أن هذه الفروقات لا تعتبر خسائر تشغيلية وليس لها أثر على التدفقات النقدية التشغيلية ويقدر أثر التغير في أسعار العملات بمبلغ 2 مليار ريال، إلا أنه بوجه عام، فإن تواجد المنافسين الجدد بالسوق يعتبر أحد أبرز أسباب هذا التراجع. لذلك، فعلى إدارة شركة الاتصالات أن تحدد مشكلتها، ثم تبحث عن حلول حقيقية لها، وبالطبع هذه الحلول لن تتمثل في أن تصبح الشركة (مستثمر رئيسي) في الأسواق الخارجية.

أخيرا، فإن نتائج الأعمال غير الإيجابية لقياديات السوق وخاصة البتروكيماويات وشركة الاتصالات يتوقع أن تضع قيودا جديدة أمام عرقلة حدوث مسار صاعد حقيقي أو جديد خلال الأيام القليلة المقبلة، بل أنه ينبغي الحذر من احتمالات أن تقوم أطراف معينة بمزيد من الضغط على مؤشر السوق في طريقها لتعديل مواضعها في هذه الشركات ذات النتائج غير الإيجابية.

(*) محلل اقتصادي


Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد