Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/01/2009 G Issue 13267
السبت 27 محرم 1430   العدد  13267
إن المصائب يجمعن المصابين
لغة التداول الجديدة.. كم خسرت لا كم ربحت!!

 

الرياض - عبدالله المحيسن:

في أحد أركان صالة التداول يجلس أحمد منفرداً (يقلب سبحته) العتيقة بعد أن تغيرت عليه أجواء وطقوس الصالات، وبدأ زملاء المهنة من المضاربين يتناقصون شيئاً فشيئاً، أحمد الذي تعود ضجيج الجوالات وصراخ المضاربين يخضع هذه الأيام كغيره إلى هدوء جبري فرض عليه من قبل سوق الأسهم التي لا تعرف سوى لغة التراجع منذ شهور مضت!.

لم تكن عينا أحمد تنظر إلى شاشة التداول بقدر ما كانت مسمرة بالباب تنتظر أي قادم.. اضطره الوضع كما يقول إلى (تغيير مصطلحات التواصل بينه وبين المتداولين من كم ربحت اليوم؟.. إلى كم خسرت؟).

جلسات التداول اليوم ليست مثل الجلسات السابقة.. حيث بدت لأحمد طويلة ومملة وزادها مللا تلك الهللات البسيطة التي حددتها (تداول) لأسهمه التي ترتفع ببطء وعند النزول تفقد العديد من الهللات!!.. بعد وقت ليس بالطويل التم المضاربون وعلى الرغم من الهدوء العام الذي ارتسم على أروقة الصالة لم يكن أحمد هو الوحيد الذي تفرد بهذا الشعور، فأمثاله في صالات التداول كثر فهو كما يقول عن نفسه انه (أعزل) فلا يوجد ريال سيولة في محفظة أسهمه ويأتي إلى الصالة للترويح عن نفسه.. ويردد عبارة على الرغم من قساوتها إلا أنها تعكس واقعه وواقع كل من هم حوله، فهو يقول: إن صاحب المصيبة يأنس بأمثاله.. ويقول إن المصائب يجمعن المصابين. فلم تكن السعادة ظاهرة أثناء نزول أسعار الشركات التي كما يعدها المحللون فرصا مناسبة للشراء فالتذبذب الذي أحدثه المؤشر في الأسابيع السابقة كان له بالغ الأثر في استنزاف سيولة أكثر المتداولين ومن بينهم أحمد، حيث استشعروا منذ الأسبوع الماضي تحسن المؤشر وظهرت التوقعات في أواسط المتداولين عن الانطلاق صعودا الأمر الذي دفع كثيرا من المتابعين إلى محاولة اللحاق بالمؤشر لتعويض خسائرهم المتتابعة خلال الشهر الحالي.

أحمد الذي عهدناه قبل قليل هادئاً أدخل بشكل مفاجئ سبحته في جيبه وتوجه مسرعاً إلى موظف التداول ليعطيه أمرا بيع جميع أسهمه وسط استغراب وتخوف من زملائه المضاربين الذين يعلمون خسارته الحقيقية من هذه العملية، فكبار المضاربين هم الوحيدون الذين قرأوا ما يدور بعقل أحمد ليتسابقوا إلى الموظف لتتبعهم البقية الباقية ليتحول جميع من في الصالة من الأسهم القيادية إلى أسهم المضاربة بعد أن نفذ صبرهم في الانتظار غير المجدي.

بعد أن وجدت منتديات الأسهم وقروبات التوصيات مناخاً خصباً في ظل تورط المضاربين بالخسائر المتتابعة والبحث عن قشة نجاة، اجتمع المضاربون على أحمد يربتون على كتفه وسط ضحكات إعجاب على هذه البادرة ليؤكد أحمد أن ما دفعه إلى تحويل أسهمه هو الخجل الشديد من البنك حيث تعود بنكه أن يأخذ منه كل شهر مبلغاً محدداً نظير عمولات التداول.. ويقول: إنه منذ انهيار الأسهم عام 2006 فإن حصيلته الشهرية من الأسهم لا تتجاوز عمولات البيع والشراء التي يأخذها البنك ويقول عن نفسه: كأني أعمل وأشقى للبنك وفوق هذا أمنحه مرتباً شهرياً من العمولات التي تجاوزت أسعار بعض الأسهم أضعافاً مضاعفة!.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد