Al Jazirah NewsPaper Sunday  25/01/2009 G Issue 13268
الأحد 28 محرم 1430   العدد  13268
جرائم إسرائيل .. وضمائر المراقبين!
د. سعد بن عبد القادر القويعي

 

تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء بجرائمها النازية في غزة، ضاربة كل المواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط. فرائحة الموت والدم لا تزال تفوح من المكان بعد أن سقط مئات الشهداء جراء القصف الإسرائيلي لقطاع غزة ، مما يعكس أعلى درجات إرهاب الدولة المنظم...

... فما حدث يُعَدُّ جرائم حرب مركبة من قتل الأبرياء

العزل وتدمير ممتلكاتهم.

هذه الحرب وصفها محللون عسكريون، بأنها أعنف وأشرس حرب تشنها إسرائيل منذ قيامها قبل ستين عاماً. لم تكن جيشاً ضد جيش، بل شنت على المواطن الفلسطيني الأعزل، وبضع مئات من المقاتلين لا يملكون سوى أسلحة بسيطة. إنها حرب انتقام من شعب قالوا إنه يحتضن المقاومة، فكانت هذه المجازر التي لا توصف ضد الأطفال والنساء والشيوخ.

وتعرف جرائم الحرب عند بعض فقهاء القانون، بأنها: (ارتكاب عمدي لتصرف يعرف بأنه خرق جسيم طبقاً لاتفاقات جنيف الأربع والبرتوكول الأول، حيث يؤدي ذلك التصرف إلى وفاة أو ألم أو ضرر قادح يصيب أي إنسان أو سجين أو مدني يحميه القانون).

هناك شبه إجماع على خطورة الانتهاكات التي تعرضت لها بنود القانون الإنساني الدولي ومبادئ حقوق الإنسان في حق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. حيث يُعَدُّ القتل العمد من الجرائم ضد الإنسانية بموجب المادة 7-1-أ من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك يُعَدُّ استهداف السكان المدنيين من جرائم الحرب، وكذلك تعمد شن هجوم على المناطق السكنية مع العلم بأنه سيسفر عن خسائر في الأرواح وإصابات بين المدنيين وإلحاق أضرار مدنية من جرائم الحرب، وذلك حسب البروتوكول الملحق الأول لاتفاقيات جنيف الأربع 1977م. كما يدخل ضمن نطاق جرائم الحرب استخدام أسلحة فتاكة ووسائل قتالية تسبب إصابات لا مبرر لها أو تكون عشوائية من جرائم الحرب، كما تضمنت المادة 35-2 من البروتوكول الإضافي الأول من اتفاقية جنيف، والمادة 8-ب-20 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

الشيء المتفق عليه هو أن الهجوم على غزة وصل إلى مرحلة ارتكاب جرائم حرب، مما يستوجب منا أن نتقدم خطوة عملية إلى الأمام، وتقديم دعاوى في المحافل الدولية والقانونية لمساءلة القادة الإسرائيليين المسئولين، ولمحاصرة المتسببين بجرائم الإبادة الإنسانية لغزة، ومحاصرتهم دولياً وقضائياً حتى لا يفلتوا من العقاب. وهو ما أكده - المحلل السياسي المصري - محمد جمال عرفة، مشيراً إلى أن خبراء لخصوا خطوات محاكمة المجرمين الصهاينة في أربع خطوات تتمثل في توثيق ورصد أدلة الجرائم، سواء كانت أدلة طبية (آثار استخدام أسلحة محرمة دولياً، مثل: الفسفور الأبيض أو القنابل) من خلال الأطباء في مستشفيات غزة، أو أدلة مادية بواسطة الخبراء العسكريين والكيماويين (شظايا القنابل، أو تحليل التربة والهواء.. إلخ)، أو تصريحات للقادة الصهاينة حول الأهداف في غزة المتصلة بالجرائم، ورصد شهادات مسؤولي المنظمات الدولية في غزة ممن فضحوا جرائم الحرب والذين سيكونون من أول شهود الإثبات، مثل: (جون جينج) رئيس عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) بقطاع غزة، ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر (جاكوب كيلنبيرجر). وكذلك رصد أنواع الأسلحة المحرمة التي رصدت بالحرب، مثل: الفسفور الأبيض، وقنابل الحرارة والضغط الفراغية، والقنابل الوقودية الهوائية، والقنابل الصغيرة، والمتفجرات المحشوة بالمعادن. وثالثاً: تحديد العناصر السياسية أو العسكرية الإسرائيلية التي ستوجه لها الاتهامات، باعتبار أن محاكم جرائم الحرب فردية تقتصر على محاكمة أفراد لا دول. إضافة إلى تحديد الجهات التي سوف تتولى رفع القضايا على مجرمي الحرب (محامون، هيئات قضائية)، والجهات القضائية التي سيجري رفع القضايا أمامها (المحاكم المحلية الأوربية، والجنائية الدولية).

بقي أن أقول: إن على منظمات حقوق الإنسان الدولية كالفدرالية الدولية ولجنة الحقوقيين الدوليين ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن يكون لهم موقف واضح وصارم تجاه ما حدث من جرائم، وتوثيقها وملاحقة مجرميها بما يضمن احترام حقوق الإنسان، وعدم ازدواجية المعايير التي تحكم السياسة الدولية. وبموجب المادة (86) من البروتوكول الأول لاتفاقية جنيف، فإنه: تترتب مسئولية جماعية ومباشرة على الدول الأعضاء في اتفاقية جنيف الرابعة التي من واجبها التحرك لمواجهة الدولة التي تتعمد خرق أحكام الاتفاقية. وحسب المادة (146) من اتفاقية جنيف الرابعة تلتزم الدول الأعضاء فيها بملاحقة المتهمين بارتكاب هذه المخالفات الجسيمة، وتقديمهم للمحاكمة مهما كانت جنسيتهم. ومن ذلك يمكن ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيلية، حيث إن دولة الاحتلال طرف في هذه المعاهدة.



drsasq@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد