Al Jazirah NewsPaper Sunday  25/01/2009 G Issue 13268
الأحد 28 محرم 1430   العدد  13268
أضواء
أمريكا (أبوحسين)
جاسر عبدالعزيز الجاسر

 

في اليوم الأول لعمل الإدارة الأمريكية الجديدة، أثار الرئيس باراك حسين أوباما الأمل والإعجاب معاً، فقد أوفى بوعده فيما يخص تحسين التعامل مع الإنسان حتى وإن كان هذا الإنسان متهماً بالعداء لأمريكا. فإضافة إلى إغلاق أبشع معتقل في تاريخ الإنسانية (معتقل جوانتانامو) الذي فاق فيما شهده من أعمال وحشية وغير إنسانية السمعة السيئة لمعتقل الباستيل الفرنسي في العصور الوسطى، عززت المراسيم التي وقعها الصورة الجديدة لأمريكة (أبو حسين)، فالسيد الرئيس الأمريكي الجديد باراك حسين معروف أنه والد لابنتين، ونحن هنا في المنطقة نكني الرجل باسم والده، فبعد إصرار السيد الرئيس الأمريكي على إضافة اسم والده (حسين) إلى النص الرسمي لقسم التنصيب، فإن الجميع في المنطقة يحلو لهم تسميته ب(أبو حسين) جرياً على العادة بتكنية الرجل بأبيه.

ولهذا فإن الناس في أحاديثهم مستبشرون بأمريكة أبو حسين ويحاولون نسيان (أمريكة بوش).. وقد أفرحتهم مراسيم (أبو حسين) الذي يريد إعادة صورة أمريكا لإطارها الإنساني، فأغلق المعتقل السيء الصيت و(كتَّف) المخابرات المركزية (CIA) بإلزامها بضوابط إجرائية وقانونية تمنع انتزاع المعلومات بالتعذيب أو بالضغوط. ومنع الاعتقال العشوائي وتعليق محاكمات المتهمين بالإرهاب واحتجازهم في معتقلات خارج الأراضي الأمريكية.

توقيع (أبو حسين) لهذه المراسيم الإنسانية أثار إعجاب وتقدير منظمات حقوق الإنسان والعفو الدولية وكل إنسان لا يزال ضميره يعمل سواء داخل أمريكا وخارجها، وأظهر إعطاءه الأولوية لمعالجة التجاوزات التي تمس الإنسان وحريته الشخصية وخرقها للقانون، إن الرئيس الجديد، هو فعلاً ابن المؤسسة الحقوقية التي تعلم أبناءها احترام حق الإنسان في حياة كريمة وعدم الخروج على القوانين وتجاوز كرامة الآخرين، وهذا يعزز الآمال بمواصلة الرئيس الجديد معالجة (إرث الرئيس السابق) الذي خرَّب كل شيء تقريباً وخصوصاً في منطقتنا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تأخر حلها، مع أن الكثير من رؤساء أمريكا السابقين يبدؤون عهدهم بالحديث عن قرب استحقاقات حل القضية الفلسطينية، إلا أن الانحياز الأمريكي المطلق يخرِّب هذا التوجه ويجعل الاستحقاق المنتظر للقضية الفلسطينية حلماً يتأخر تنفيذه، من عهد كارتر إلى بوش الذي أطلق ما سمي بخريطة طريق لإقامة دولة فلسطين إلى جانب الكيان الإسرائيلي، إلا أن خريطة طريق بوش جلبت البؤس للفلسطينيين من اجتياح جنين إلى عدوان غزة.

الآن وبعد تعيين السناتور السابق جورج ميتشل كممثل للولايات المتحدة الأمريكية لحل القضية الفلسطينية، استبشر المتابعون للملف الفلسطيني بتكليف هذا الوسيط الذي نجح في حل المشكلة الإيرلندية، ولخبرته في قضايا المنطقة العربية، ونهجه المستقل في أداء عمله، ومع أن الجميع لا يتوقع أن تعلن الدولة الفلسطينية قريباً ولا أن تحل هذه القضية مبكراً، إلا أن التعامل المنصف ووقف الانحياز مع إسرائيل سيساعد كثيراً في التوصل إلى حلٍ لهذه الأزمة المزمنة.. وأخيراً نتمنى ألا تكون آمالنا وآمال الآخرين سراباً مثل الآمال السابقة التي رافقت الرؤساء السابقين.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد