Al Jazirah NewsPaper Tuesday  27/01/2009 G Issue 13270
الثلاثاء 1 صفر 1430   العدد  13270
المنشود
غيِّروا أسماء مدننا العربية!!
رقية سليمان الهويريني

 

حدثتني إحدى الزميلات بأنها مرتْ بظروف أسرية عصيبة حين أرادت الانفصال عن زوجها. وضاقت بها السبل، فكانت في النهار توسط جنود الأرض، وفي الليل تستعين بالدعاء والابتهال لله أن يخلصها من زوجها الظالم بعد تعنت القضاء ومماطلتهم بتأجيل القضية كل مرة بإيعاز من زوجها!

تقول بحسرة وألم: من المفارقات العجيبة في هذه الدنيا أن أحد أصدقاء الوالد يتصل عليه بشكل يومي ليسأل سؤالاً محدداً (خَلصتوا من الرجل ؟) وكان والدها يجيب بالنفي. ولم يبدِ ذلك الصديق أي خطوة في حل الأمر أو حلحلته أو التدخل للصلح أو إنهاء القضية بحكم أنه رجل نافذ وصديق لوالدها!

وبعد مداولات رأى القاضي إنهاء مأساتها بالخلع بعوض مادي من خلال رد المهر للزوج الذي خدمته وأنجبت له ثلاثة أطفال على مدى عشر سنوات كان خلالها يستولي على راتبها كاملا ! حينئذٍ بدأت تنكشف لها الأمور.. أمور صديق والدها المخلص الذي تقدم خاطباً لها بعد أن قام بصبغ شعره الأبيض !

تقول هذه المكلومة: بكيت من ذلك الموقف كثيراً، وكنت أتوقع أن الرجل يتصل للاطمئنان، واستغربت من سلبيته برغم قدرته على إنهاء القضية من خلال علاقاته لكنه لم يرغب في الظهور على مسرح الأحداث لأمر يضمره في نفسه!

تذكرتُ قصة زميلتي المؤلمة وربطتُها بحال غزة اليوم حيث قرأتُ تقريراً حول (تكالب) بعض الدول الأجنبية وكثير من الشركات لاستغلال إعمار غزة، وكأني بهم وقد ساهموا في هذه الحروب وزادوا أوارها، بل وخططوا للانتفاع من النكبة بعد المزايدة على الجراح!

وفي الوقت الذي كنا نتأوه من إلقاء القنابل الفسفورية التي أدت لسقوط الضحايا وقتل الأبرياء والتهجير والتخويف والدمار، كان هناك من يخطط ويعدّ العدة للدخول في الاستثمارات القادمة لإعمار غزة، تماماً كما حصل في العراق!

ولعل البعض استفاد من تلك الحروب الطاحنة، حيث يبدو أن الحروب ليست - كما نراها - خسارة دائما، بل هناك مكاسب سياسية واقتصادية دون حياء أو حتى تعاطف أو انتظار لتبرد دماء الأبرياء، مع الاحتفاظ بحرارة أكباد الثكلى وأفئدتهم التي لن تبرد أبدا !

ويُظْهر التاريخ أن لنا في كل عصر نكبة، ما نكاد نستيقظ منها حتى تعصف بنا نكبات، وكأن الأجيال العربية والإسلامية على وعد مع تلك الحروب والخطوب. فكل جيل منا يذكر حرباً، وكل فرد عربي لا يجهل مفردات تلك الحروب وآلياتها بل ونتائجها، ولكنه قد يجهل أشكال الخطط التي تتغير، بينما يبقى المضمون ! وهو ضرب الوحدة العربية وتفريق صفوف الأمة الإسلامية، ولو فهمنا ذلك لقطعنا الطريق على تلك المخططات.

فهل ندرك أسباب الحروب، ونتجنبها، لترتاح الأجيال القادمة من أصوات القصف والدمار ومشاهدة أنهار الدماء وانكسار القلوب؟! أم أنه ينبغي أن نسعى لتغيير مسميات المدن العربية إلى أسماء ذكورية حتى لا تتعرض للعنف والأذى فتطلب النجاة . فلا تدهشنا مؤتمرات الدول الأجنبية المنتظرة للإعمار وتزعجنا اتصالاتهم المتكررة وأسئلتهم الباردة بقولهم: (خَلصتوا ؟)!!

rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض11342





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد