Al Jazirah NewsPaper Tuesday  27/01/2009 G Issue 13270
الثلاثاء 1 صفر 1430   العدد  13270
هذرلوجيا
تحية لقبائلنا الثلاث
سليمان الفليح

 

بداية اسمحوا لي أن أرفع عقالي إجلالاً واحتراماً وتقديراً لثلاث قبائل من قبائلنا العزيزة في محافظة النماص وأعني بتلك القبائل كلاً من قبيلة الكلاثمة وبني بكر وبني قشير، وذلك لأن هذه القبائل العاقلة المتحضرة تعتبر أولى قبائل المملكة التي تتحدى العرف وخصوصاً الجوانب السلبية منه على اعتبار أن الأعراف القبلية المتوارثة فيها من السلبيات مثلما فيها من الإيجابيات فإذا كان من إيجابيات العرف مثلاً (إقراء) الضيف واحترام الجار والحفاظ على الرفيق كما قال الشاعر:

ترى الخوي والضيف والثالث الجار

مثل صلاتك بين فرض وسنة

أقول إذا كانت هذه (الملازيم) الثلاثة من أخلاقيات العرف فإن من سلبياته أيضاً الثأر وتجاوز الشرع والاحتكام لغير السلطة وهذه الأمور السلبية الثلاث هي ما يهمنا في هذا المقال والتي ألقتها إلى زبالة التاريخ قبائلنا العزيزة الثلاث؛ إذ اجتمع شيوخها وعقلاؤها الأفاضل وأبرموا وثيقة تقضي بعدم التدخل لحل المشاجرات والمضاربات بين الشباب من أبناء هذه القبائل عن طريق العرف وترك الأمر للجهات الأمينة والقضائية لحسم مثل هذه الأمور، إلا لمن أراد من أصحاب الحقوق أن يعفو من تلقاء نفسه بلا (جاهه) أو ضغط، وهذا أمر محمود شرعاً وكذلك من أراد أخذ حقه فهو غير ملوم، وقد جاء في هذه الوثيقة (التاريخية) الناصعة أن هذه القبائل تعتذر بموجب هذه الوثيقة عن استقبال أي وفود قبلية تهدف إلى التوسط في حل مثل تلك المشكلات، كما ورد في بندها الأول الذي يقول: (بما أننا نعيش في كنف دولة مباركة تحكم بشرع الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فإن أحكام الشريعة كفيلة بإقامة العدل وتحقيق المصالح ودرء المفاسد).

ونحن إذ نحيي هذه القبائل على هذه البادرة المباركة فلأن الأعراف والعودة إلى (القبلية) وليس إلى (القبيلة) قد أخذت تطل برأسها الكريه من جديد لتنفث سمومها في دماء جيلنا الجديد الذي ترعرع وعاش في كنف الوحدة الوطنية لتعيده إلى أخلاق (البداوة) لا أخلاق (أهل البادية)(!)، بعد أن قطع شوطاً طويلاً من التحضر والاندماج في النسيج الاجتماعي العام للوطن، كما نحيي هذه القبائل لريادتها في الخروج على القداسة الوهمية للعرف(!!)، آملين أن تحذو حذوها كل قبائل المملكة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وإنهاء المتاجرة بالدماء وإلغاء كل المظاهر الباهظة التي أثقلت كاهل الفرد المنتمي إلى القبيلة في حل مشاكلها التافهة.

بقي أن تعرف عزيزي القارئ أن مجرد شجار صغير فيه إصابة لأحد المتخاصمين من شباب بعض القبائل يكلف أموالاً طائلة لا قبل لأحدٍ بها لإكرام الجاهه التي تحتوي على العشرات من الرجال، ناهيك عما يتبعها من خسائر مادية بين الطرفين، الأمر الذي أغرى أصحاب الحقوق لإعتاق الرقاب لأن يطلبوا عشرات الملايين من أهل الجاني، ثم يقولون إن ذلك لوجه الله(!!)، على أية حال فإننا نتمنى أن تصدر الجهات المختصة تحديداً لسقف التنازل أو الاكتفاء بالدية أو الاكتفاء بما ينص عليه الشرع فقد بلغ السيل الزبى!!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد