من تجربتي الطويلة المتواضعة في المجال التربوي والبحثي أستطيع أن أقول جازماً إن التربويين في بلادنا أصبحوا اليوم يعرفون وبدقة متناهية كل مشكلات تعليمنا ومعوقاته وعلله، ليس هذا فحسب بل ويعرفون تماماً استراتيجيات حلول مشكلات تعليمنا دونما حاجة إلى مزيد من الزيارات الدولية المكوكية. ورغم معرفتنا بعلل تعليمنا وسبل معالجتها، ورغم أننا نملك كل مقومات التطوير المادية والبشرية التي يحلم بها ويتمناها أي نظام تعليمي، ورغم حواراتنا الوطنية المتكررة التي أزهقت جسد تعليمنا، ورغم أن وزارتنا (التربية) تملك أرشيفاً هائلاً يضم أحدث التجارب والخبرات العالمية، أقول برغم ذلك كله لا يزال تعليمنا - للأسف - متواضعاً، وهذا ما تؤكده كثير من الدراسات الجامعية المحلية وتشير إليه بعض التقارير الدولية الصادرة عن مؤسسات تعليمية معتبرة، تواضع تعليمنا يؤكده أيضاً ضعف مشاركة مخرجات تعليمنا في صناعة سوق العمل المحلي. هل يستطيع أحد منكم أن يفسر لنا عدم ظهور مؤشرات تدل على قرب حدوث التطوير المنتظر في تعليمنا رغم توفر كل الظروف الملائمة، إذا كان الغرب المتطور لم يعد يحتمل تأخر مجيء تطوير التعليم فإن تأخره بالنسبة لنا في هذا الوقت بالذات يعتبر نوعاً من الانتحار.