Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/02/2009 G Issue 13275
الأحد 06 صفر 1430   العدد  13275
غزة: رؤية واقعية مستقبلية دروس مستفادة 3
د. فالح بن محمد الصغير

 

بناءً على ما سبق في المنطلقات لاتخاذ موقف محدد، واستلهام الدروس المستقبلية، أذكر جملة من الأمور التي تجيب على الأسئلة السابقة، لعلها تكون إضافة -مع سائر ما ذكره أهل العلم والرأي في مثل هذه الأحداث-، تنير درباً، وتحدد مسلكاً، وتجلب مصلحة، وتدرأ شراً.

1- إن ما حصل في غزة لا يشك مسلم أنه اعتداء عسكري على الإسلام والمسلمين من قبل اليهود، وإن لبس لبوساً آخر.

فليست حرباً طائفية، أو على فرقة، أو على حزب، فكل الأحزاب والفرق الموجودة في غزة، وأشخاصها، لم يوجدوا إلا متأخرين، ومذابح اليهود في سلسلة متواصلة منذ وعد بلفور، مروراً بعام 48 و67 و73 وغيرها، مما أصبح ثقافة منشورة.

إن حصر هذا الغزو ضد جهة معينة محاولة لإبعاد أفعالهم عن واقعها الحقيقي.

أحسب أن هذه حقيقة، فمن غير الحصافة إغفالها لمن يعرف حقيقة اليهود، وتاريخهم الأسود.

2- إن عداوة اليهود مستمرة، وفي هذه البقعة بالذات (فلسطين)، كذا أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم - بل أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، كما أخبرنا الله -جل وعلا- في القرآن الكريم.

وبناءً على ذلك: من المهم أن نعي هذه الحقيقة، ونجدد وعيها للأجيال. ومقتضى هذا الوعي أن يبنى التعامل معهم وفق المستلهم من القرآن الكريم الذي قرر هذه العداوة، ووفق تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعليه: فتقديم التنازلات غير المحدودة مع اليهود على مستوى الأفراد، وعلى مستوى المجتمعات، والدول المسلمة، محل نظر، يحسن التأمل فيه والمراجعة.

3- ومما يبنى على ما ذكر: ضرورة الوعي بسمات اليهود، وصفاتهم، وتعاملهم، من خلال النصوص القرآنية والنبوية، ومن خلال تاريخهم قبل نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وفيما بعد بعثته -عليه الصلاة والسلام-، وفي تاريخهم المعاصر.

إن الوعي بهذه السمات وتأملها، يبعد الغبش الحاصل عند كثير من الذين ينظرون من خلال مصلحة ضيقة، أو حالة خاصة، أو عاطفة جياشة، تلغي المصالح والمفاسد.

وعليه فيجب على أهل العلم والرأي والفكر والتربية توضيح هذه المفاهيم الكبرى.

4- وهذا لا يعني إلغاء التعامل معهم، والمعاهدات، والمناورات، بل يضفي شيئاً من إنارة الدرب، والذي يقدر هذه الأمور هم أهل الرأي، والحل، والعقد، ويخضع للنظرات العليا في المصالح الكلية، والجزئية، والمفاسد العامة، والخاصة.

ويستلهم ذلك من أحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعامله معهم، فعقد العقود، وأخذ العهود في بعض الأحوال، وتعامل بالقوة في بعض الأحوال.

ويبقى الأمر المهم في هذه المسالة: من الذي يقدر النظر في هذه القضية الحساسة المفصلية؟

سؤال في غاية الأهمية والجواب الإجمالي أن نقول كالعادة: أهل العلم والولاية، كل فيما يخصه، ولكن نقول بشيء من التفصيل: إن أهل الشأن في فلسطين من ولاة، وعلماء، وأهل فكر، ورأي، هم في المقدمة، فهم أهل الميدان، والأعلم بحال القوم.

ومن هنا ندعوهم لأن يتحدوا، ويجمعوا كلمتهم، ويوحدوا صفهم، ويتركوا التشنج والخلاف القومي، ويراعوا المصالح الكبرى، وإن كانت على حساب مصالح جزئية أخرى فالعدو لا يفرق.

ولعلنا هنا نشيد بمواقف جميع الفصائل، باتخاذ الموقف عندما حدث هذا الاعتداء.

ومما ينبغي أن يعلم أن هناك دولاً وشعوباً مجاورة، لها حق في القضية، فأهل العلم، والرأي، والولاية، هم من يحدد المواقف، من خلال ما سبق في القضايا الشرعية، والمصلحية الكبرى. ولذا ندعو هؤلاء أيضاً إلى ضرورة الاهتمام بالقضية، والتنسيق الفعلي مع جميع الأطراف من أهل فلسطين، وليس لطرف دون آخر.

أدرك تماماً عظم القضية، ودقتها، وتعقيدها، ولذا أقول هنا:

أ - إن المسؤولية على أهل العلم والسياسة مسؤولية عظيمة، تتطلب الحكمة، والعلم، والتعاون، والتشاور، وإبعاد الحنق، والضيق، وتحكم المصالح الذاتية، أو العواطف الجياشة.

ب - على عامة المسلمين أياً كانوا، وبخاصة فئة الشباب والشابات، أن يعوا خطورة الموقف، ويرتقوا بمستوى الوعي، لتكون مواقفهم مبنية على علم ودراية.

وعليه فلا نستغرب وجود معاهدات، أو تعامل قد لا يرضي متحمساً، ولا طموحاً، ولا مستعجلاً.

ج - وعلى أهل العلم أن يكونوا واضحين في مواقفهم، وأن تكون هذه المواقف مبررة شرعاً، وبخاصة الخطوات العملية.

د. والحذر من اتخاذ مواقف فردية من طلبة العلم، قد تضر فئات من الناس، أو تضر القضية بكاملها، أو تتسبب بأضرار مع الآخرين، دون حسبان للنتائج والعواقب.

المشرف العام على شبكة السنة النبوية



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد