Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/02/2009 G Issue 13279
الخميس 10 صفر 1430   العدد  13279
لو تُرك القطا لنام..!!
أحمد بن عبدالعزيز المهوس

 

حكمة عربية سطرها العربي في حياته، وخلق من بيئته نتاجًا لمسيرة الأيام، فكان أن قال لمن يجتهد في الطلب -أي طلب-: لو تُرك القطا لنام. وإنها - لعمري- مقولة قلما يدركها من تراه يتأفف من إلحاح الناس بمطالبهم وبحقوقهم بغية نيلها وتحقيق العدل.

كثير من المسؤولين -ولا أقول كلهم- يتذمرون من مطالب المواطنين، بل تراهم يعجبون من الإصرار على حقوقهم، فلا يلبثون كثيرًا حتى يُهرعون إلى التسويف، وإلى أعطاء الحلول المؤقتة دون الجذرية، فإنهم -والحالة هذه- يزجون أنفسهم في دوامة تكرار المطالبة، فيخلقون لأنفسهم مشاكل كانوا في غنى عنها لو طبقوا العدل.

وإنك لتعجب -عزيزي القارئ- ممن يُحيل مطلبة مواطن إلى مسؤول غيره، زاعمًا بذلك أنه غير معني بها، بينما هو موقن في صميم نفسه أن تلك المطلبة لا يُبت فيها إلا عن طريقه تحقيقًا دون تعليق.

إن كان لي من أسف؛ فإنه ذاك الأسف الذي يكاد يصل بمجتمعنا إلى وجود ظاهرة ماثلة، فإن تفشي تعطل وتعذر الحقوق يحيلنا إلى مجتمع لا يُؤمن به، فحدِّث عن تفاقم التذمر، وحدِّث عن الخلل بين الأفراد من حيث حسن السلوك، ومن حيث توقع بروز السراب دون العيان.

إن مجتمعًا لا يعطي صاحب الحق حقه يخلق بيئة خصبة للمنحرفين سلوكيًّا كما المجرمين، ويعطي عذرًا خالصًا لمن أراد امتطاء مسلك النصب والاحتيال، فيكون المخطئ في ذلك المجتمع أقدر على العيش فيه دون غيره، ويبزُّهم في روغانه، فيتحقق قول زهير بن أبي سلمى حين قال: (... ومن لا يظلم الناس يظلم).

على أن أولئك المنحرفين قد أساءوا لمن أخطأ عفوًا من غير قصد، فكان أن أُخذ حسنُ النية بجريرة المخطئ المتعمد، فخيّل إلى غير واحد أن الناس في شأن الحقوق متساوية، فقد يصعب التفريق بين المتعمد وبين حسان النيات من الناس.

إن تذمّر أصحاب الحقوق من المماطلة برد حقوقهم يجعلهم كما القطا الذي بات سهران، حيث لم تتركه الطبيعة ينام كما غريزته وفق نواميس هجّيراه وعادته.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد