Al Jazirah NewsPaper Wednesday  11/02/2009 G Issue 13285
الاربعاء 16 صفر 1430   العدد  13285
مركاز
فضائح (غوغل)
حسين علي حسين

 

لأنني من أشباه الأميين في التعامل مع الكمبيوتر، فقد أصابني القلق الذي أصاب اليابانيين من بوابة (غوغل) الإلكترونية، وزاد هذا القلق عندما تطوع أحد الأبناء بالبحث عبر هذه الشبكة النفاحة عن منزلنا في الرياض، وقد وجدته في حجم حبة الحمص، متناهي الصغر إذا قيس بمنازل أخرى في هذه الشبكة، خصوصاً في حيِّنا، وهذا ما أصابني بصدمة، فقد اعتقدت أنني أسكن في قصر، وهو عمى لوني أحر عليه، حتى لو (صرفت النظر عما حولي مثلما يصرف الثعلب نظره عن عنقود العنب الذي لن يطوله)!

وقد وجدت أن اليابانيين أكثر جرأة مني، وأكثر إحساساً بقيمة الستر، أيضاً فيما يتعلق بالأطيان، فمنازلهم وهذا ما أثبتته شبكة (غوغل) أصغر مساحة في منزلي، ومع ذلك فقد (طالبت مجموعة من الحقوقيين وأساتذة الجامعات في اليابان بوابة (غوغل) الإلكترونية بسحب كل ملفاتها من الصور الجغرافية المفصلة للشوارع والمساكن في المدن اليابانية المعروضة على شبكة الإنترنت، بحجة أن عرض هذه المواقع يمثل خرقاً لخصوصية الأفراد!).

يقول أحد الحقوقيين اليابانيين (إننا نشك بقوة في أن ما تقوم به (غوغل) يخرق بشكل عميق الحقوق الأساسية للإنسان) ويرى (أن من الضروري تحذير المجتمع من هذه الشركة التي تخرق بشكل فاضح حقوق الخصوصية بتقدمها هذه الخدمة، وهي حقوق مهمة يتحلى بها المواطنون!؟)

لقد اكتشف بعض الناس صورهم في هذه الخدمة، بل إن إحدى النساء ظهرت صورتها على الشبكة وهي تأخذ حماماً شمسياً، فيما شوهد في مشهد آخر رجل وهو يخرج من ناد ليلي في سان فرانسيسكو!!

لم تعد المنازل فقط ولا الناس، أو الشوارع والأحياء مكشوفة الستر لكن هذه الشبكة بفعل التقنية العالمية الدقة، صار بإمكانها أن تنقل مشاهد حية من المواقع العسكرية والمدارس والجامعات وحمامات الشمس والمسابح والفنادق ودور اللهو، وهو ما جعل القلق منها متنامياً حتى في الولايات المتحدة.. لكن هذه الشركة على الرغم من طابعها الذي قد يتحول فضائحياً، قدمت خدمات لا تقدر بثمن، لمن يريد الذهاب إلى أي بلد وهو متمدد في صالون منزله، وله من موقعه هذا أن يدخل ويتجول في أرقى المدن والمنتجعات السياحية، التي ما كان ليحلم بالسفر إليها، وله بعد ذلك إذا كان واسع الأفق أن يتحدث لأصدقائه عن الدول التي زارها والشواطئ التي أخذ حمامه الشمسي على ضفافها ولن يكذبه أحداً، فما رآه وهو جالس في منزله هو ما سيراه المسافر إلى هناك، أولئك دفعوا أجور الفنادق والطائرات وهو تجول مجاناً! أما ذاك الذي يتجول في الملاهي الليلة في طوكيو أو لاس فيجاس أو هونج كونج ويقول لزوجته أنا في انتداب داخلي، فقد تراه زوجته المصون وهي مسترخية في صالون المنزل تراقب المدن والأسواق والشوارع عبر خدمة (ستريت فيو) التي تقدما (غوغل)، وحينذاك لكم أن تتصورا حجم الجحيم الذي سيكون بانتظاره! شخصياً لا يقلقني كل ذلك، فلست من هواة الحمامات الشمسية، ولست من هواة الملاهي الليلة أو النهارية، ولست أيضاً من هواة التسكع في الشوارع، فالمقاهي لدي أفضل ألف مرة من كل ذلك، لكن قلقي هو قلق العديد من الناس، الذي شاء حظهم العاثر أن يبنوا سوراً عالياً حول منازلهم تقارب طول المنزل، ظناً منهم بأن ذلك سيحمي محارمهم من نظرات الجيران الفضولية حتى تحولت المنازل الكبيرة والصغيرة إلى ما يشبه السجون، هؤلاء قد يجدون محارمهم على طبيعتها في شبكة (غوغل) وما خفتم منه على الأرض سترونه عياناً بياناً على الشبكة العنكبوتية، وتضامناً مع هؤلاء سوف أضم صوتي مع اليابانيين مطالباً بإيقاف هذه الخدمة!!

فاكس 012054137



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد