Al Jazirah NewsPaper Wednesday  11/02/2009 G Issue 13285
الاربعاء 16 صفر 1430   العدد  13285
السؤال الحلم: متى تكونين صديقتي؟
سهم بن ضاوي الدعجاني

 

دعونا نحلم نحن المواطنين الذين لا يملكون أرضاً شامسة أو منزلاً صغيراً يضمهم وأولادهم، دعونا نحلم بأحياء جميلة ومخططة على أحدث الأساليب العمرانية، حتى نتشجع ونشتري في تلك الأحياء الحلم، إذا أصبحنا - طبعاً - من أصحاب الملايين ولو بعد حين، إننا نحلم بأحياء سكنية تتميز بساحات واسعة تشتمل على ملاعب لأطفالنا (الذين ضاقوا ذرعاً بالأقفاص الأسمنتية) ونحلم بملاعب رياضية وممرات آمنة ومطورة للمشاة، بل ونحلم - أيضاً - بمضامير للجري وأماكن للجلوس ومساحات خضراء، لترافقنا في خريف العمر وتخفف عنا ما قد يصيبنا من أمراض الشيخوخة لا سمح الله.

بل إننا نغالي في أحلامنا عن مسكن المستقبل لتنفذ تلك الأحياء في بيئة عمرانية نافعة وصديقة للإنسان (لاحظوا وصف صديقة، فهو بيت القصيد) من خلال تشجيع وسائل النقل العام وعدم الاعتماد على السيارات الخاصة التي هي السبب في زحمة مدننا ورفع ضغطنا بشكل يومي، ونحلم بتشجيع ثقافة المشي بين سكان تلك الأحياء، أقصد جيران المستقبل طبعاً، الذين سيقضون حاجتهم بالتواصل اليومي المتكرر بالمرافق العامة؛ ما يمكنهم من بناء علاقات حميمية مع بعضهم البعض، أثناء المشي المتكرر.

وليس الأمر عند هذا الحد فقط، بل إننا نطمح إلى أن يكون الحي الحلم يراعى عند تخطيطه وتنفيذه، مراعاة احتياجات ومتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة بما يسهل حركتهم واستفادتهم من المرافق العامة في تلك الأحياء وفق المعايير العالمية، وذلك بتبني أفضل الممارسات في مجالات التصميم الشامل لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة أسوة بجيرانهم من سكان الحي الحلم.

بقي من ذلك الحلم المشروع الحرص على زيادة المسطحات الخضراء وتكثيف التشجير المناسب لكل منطقة وإنشاء مراكز أحياء وواحات للعلوم ومكتبات عامة ومرافق ذكية ثقافية وتعليمية واجتماعية.

وبقي من مواصفات الحي الحلم أن يشاورونا في تنفيذه؛ ما يساهم فعلاً في إيجاد بيئة عمرانية صديقة للإنسان مع المحافظة على التراث العمراني الأصيل الذي يربطنا بجيل الأجداد رحمهم الله ويذكرنا بثقافة الطين والنخيل والأسواق العتيقة.

بقي أن تعرف أيها القارئ الكريم أن ذلك الحي الحلم، لم يعد حلماً فقط، بل إنه في طريقه إلى أرض الواقع، فقد قرأت قبل فترة أن وزارة الشؤون البلدية والقروية لدينا شرعت في الإعداد لتنفيذ مشروع المدن الصديقة للإنسان في كافة مناطق المملكة وإعادة تأهيل المدن القائمة، بل وقد أبلغ صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب نائب وزير الشؤون البلدية والقروية - حفظه الله - أمانات المناطق وبلديات المدن بتبني الوزارة للمشروع الجديد الذي من شأنه أن يسهم في تحقيق البعد الإنساني في المخططات والأحياء الجديدة وتأهيل الكثير من الأحياء الحالية لتكون صديقة للإنسان والبيئة على حد سواء.

وهنا أذكّر سموه بسرعة إنجاز ذلك المشروع؛ حتى أتمكن وغيري من إخواني المواطنين من التملك في تلك الأحياء الصديقة، فلم يبق في العمر إلا القليل، ثم أذكره - أيضاً - بضرورة الإسراع بشكل فوري في إعادة تأهيل المدن القائمة والأحياء الحالية، حتى نقلل من عداوتها للإنسان قبل أن تكون صديقة له.

وأخيراً... أقترح على سموه نقل المصانع القريبة من الأحياء السكنية الحالية وإبعادها، وإيجاد طوق أخضر يفصل بين المناطق الصناعية والأحياء السكنية لتخفيف تأثير الانبعاث الغازي الضار بالإنسان، وإيجاد مداخل محددة ومعروفة لأحيائنا السكنية واستخدام البلاط بدلا من الإسفلت ما أمكن إلى ذلك سبيلاً. وعوداً على بدء أقول: بهذه المواصفات الحلم فقط تكون مدينتي صديقتي الساحرة!!!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد