Al Jazirah NewsPaper Friday  13/02/2009 G Issue 13287
الجمعة 18 صفر 1430   العدد  13287
فتاة... مقيّدة اليدين...؟!
آمنة الحربي

 

أخبرتني إحدى الزميلات التي تعمل مرشدة طلابية في إحدى المدارس عن حالة غريبة لإحدى الطالبات والتي لا تجد لها تفسيراً, وتقف عاجزة أمامها.. بل يشتد الأمر ليصل إلى الإغراق في الحزن.. كلما تذكَّرت قصة تلك الطالبة.. التي يقف المرء مشدوهاً أمامها فلا يعرف هل هي ضحية كما تزعم.. أم أنها تعاني من هلوسات وتهيؤات نفسية.. أو مرض روحي..مجهول...؟!

هذه الفتاة كانت شبه منطوية, وذات مستوى متدن في الدراسة.. قليلة الكلام.. وكثيرة الصمت.. تقول هذه الفتاة للمرشدة إن والدتها غالباً ما تقوم بتقييد يديها وتعذيبها كنوع من العقاب لأتفه الأسباب.. وقد سبَّب هذا العقاب البالغ القسوة لهذه الفتاة تذبذباً نفسياً وخوفاً شديداً وعدم قدرة على الاستيعاب.. والأدهى والأمر أنه عندما تم استدعاء الأم من قِبل المرشدة للتفاهم معها أنكرت ما قالته ابنتها.. وقالت إن كل ذلك هراء.. وتهيؤات من قِبل الفتاة..ولم يحصل أي شيء من ذلك...!

وأصبح الجميع في تلك المدرسة في شك وريب وحالة وجل.. ناهيك عن التعاطف الشديد مع تلك الفتاة والتسامح معها في كثير من الأمور كتقصيرها في أداء الواجبات كنوع من العطف. وبات كل من حوتهم جدران المدرسة يتأرجحون بين مصدّق ومكذّب.. للبنت وأمها..!

ونظراً لخبرتي المتواضعة في علم النفس استبعد أن تكون الفتاة مريضة نفسياً لأن التهيؤات والهلوسات لا تأتي في هذا العمر المبكر.. بل تكون نتيجة تراكمات واضطرابات نفسية عبر سنوات متقدّمة من العمر..

وأرجح في ميزان حدسي أن ما قالته البنت حقيقة.. لأن الواقع الملموس يمتلئ بالمآسي وهنالك الكثير من الأهل للأسف يمتلكون من القسوة ما تنوء بحمله الجبال.. ويرتهنون لمشاعر متدنية من الرحمة.. فيتعاملون مع فلذات أكبادهم بقساوة مفرطة.. قد لا يتقبلها العقل البشري.. ويستخدمون أساليب وحشية لتعذيب أبنائهم عند مستصغر الزلل.

وسواء كان الحق من نصيب الفتاة.. أو والدتها.. في كلتا الحالتين هنالك سؤال يفرض نفسه: ألا يوجد جهة معنية يلجأ إليها في مثل هذه الأمور بحيث تملك من الصلاحيات ما يخولها للتدخل وحل هذه المشكلة وما يماثلها من مشاكل.. شبيهة بحالة تلك الطالبة..؟!

ولمن توكل مثل هذه الأمور عندما تقف المرشدة حائرة أمام دموع فتاة تستنجد بأنها مظلومة.. ويمين أم تحلف بأنها بريئة...؟!

إن مهمة الأخصائية الاجتماعية أو المرشدة الطلابية (سموها كما يحلو لكم تسميتها..) وما يتطلب منها أكبر بكثير من حل خلاف.. لطالبات اشتبكن بالأيادي وعلا صراخهن أو مراهقة تعاني من أزمة عاطفية.. أو فتاة مدلّلة تشعر بشيء من الضيق..!

هنالك العديد من الطالبات يقعن في شراك أمور كائدة.. ومشاكل مفزعة.. تستدعي الوعي والتثقيف والتدخل أيضاً.. لمساعدتهن على اجتياز تلك الحفر المظلمة..

وأكرر ما قلت بأن الموضوع يتطلب جدية أكثر واهتماماً أكبر بحيث تكون هناك جهات متخصصة تستعين بها المرشدة, وتكون ذات سلطة وصلاحيات تمكنها من التدخل في مثل هذه الأمور, والنظر بعين الرحمة لتلك الحالات المأساوية.. فضلاً عن تثقيف الأخصائيات ليعرفن ماهية التفريق بين من تعاني من مرض نفسي أو روحي.. أو تعاني نوعاً من القهر الاجتماعي..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد