Al Jazirah NewsPaper Monday  16/02/2009 G Issue 13290
الأثنين 21 صفر 1430   العدد  13290
رؤية اقتصادية
فساد مستشرٍ.. كيف نقضي عليه؟
د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 

صدرت الموافقة السامية على الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد والرشوة، وإنشاء هيئة عليا لمكافحة الفساد وتفعيل أجهزة الرقابة المعنية.

وعندما ننظر إلى الفساد الإداري والمالي المستشري في العديد من أجهزتنا الحكومية الذي نهش الكثير من مكتسبات الوطن وثرواته، فإننا نتساءل عما تم في هذه الاستراتيجية التي ستكفل بإذن الله التصدي لكافة أوجه الفساد المالي في أجهزة الدولة.

فنحن بأمسّ الحاجة لأن نستعجل في تطبيق كل ما جاء في ذلك المشروع من عقوبات على كل من تسوّل له نفسه التلاعب بممتلكات الوطن وثرواته، وبغضّ النظر عن مرجعية عمل الشخص، وهل ينتمي لجهاز حكومي أم لقطاع أهلي.

وحتى نتمكن من اجتثاث جرائم اختلاس المال العام في أجهزتنا الحكومية، فإنّه من الأهمية أن يتم قفل باب الشفاعات والواسطات تماماً، فكل من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذا الجرم ويصدر حكم بحقه، فإنه يتوجّب أن يطبّق عليه كامل العقوبات المحكومة عليه بها.

وحتى نتمكن من إحكام الرقابة على كافة التجاوزات المالية في كافة الأجهزة الحكومية، فإنه يقترح أن يتم إنشاء وحدة داخل كل جهاز من أجهزة الدولة تعود مرجعيتها لهيئة مكافحة الفساد التي وجّه المقام السامي بإنشائها أو لإحدى الجهات الرقابية، بحيث تتولّى مراقبة كل ما يتم في ذلك الجهاز من تعاقدات مغلوطة أو أي وجه من أوجه الفساد الإداري والمالي.

ونظراً لأهمية الشفافية والوضوح في القضاء على مختلف التجاوزات المالية، فإنه من الأهمية أن تتاح الفرصة لمختلف أجهزة الإعلام للوصول إلى المعلومات الدقيقة متى كان هناك تجاوزات إدارية أو مالية في أي جهاز من أجهزة الدولة، وما من شك أنّ عقوبة التشهير بالمسؤول أو الموظف المتجاوز إدارياً أو مالياً تُعد من العقوبات المؤثرة في مجتمعاتنا، ولذلك من الضروري أن يتم التركيز على تلك العقوبة، إضافة لبقية العقوبات الأخرى.

وحتى نتمكن من إحكام السيطرة على التجاوزات المالية والإدارية المتفشية في العديد من الأجهزة الحكومية، فإنه من الأهمية أن يكون هناك آلية تحفيز ومكافآت لكل موظف أو فرد يقدم معلومة تدل على وجود فساد أو تجاوزات مالية في أي جهاز من الأجهزة الحكومية.

وحتى لا نستمر في تسامحنا ومرونتنا غير المبرّرة انطلاقاً من مبدأ (عفا الله عما مضى)، فإنّ على الدولة أن تُلزم كل مسؤول في أي جهاز حكومي بكشف كافة التجاوزات المالية التي اكتشفها على من سبقه في تلك الوزارة أو الجهاز الذي تولّى رئاسته، مما يعني أهمية ملاحقة ذلك المسؤول ومحاكمته عما اختلسه خلال وجوده في المنصب، وذلك بدلاً من تكريمه بتعيينه في إحدى الوظائف الاستشارية أو الدبلوماسية خارج المملكة.

كلمة أخيرة، الكثير منا يعلم بوجود فساد إداري ومالي في عدد من الأجهزة الحكومية ومنذ زمن، وعلى الرغم من ذلك لم نحرك ساكناً ولم نتصدّ لها، وقد نتعرّض لمحاسبة وعقوبة ربّ العزة والجلال على سكوتنا غير المبرّر على ذلك.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد