Al Jazirah NewsPaper Monday  16/02/2009 G Issue 13290
الأثنين 21 صفر 1430   العدد  13290
د. عبدالعزيز خوجه من المشهد الدبلوماسي إلى الحقيبة الإعلامية

 

الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجه الذي صدر أمر ملكي بتعيينه وزيراً للثقافة والإعلام اسم له حضوره في المشهد الدبلوماسي السعودي في السنوات الأخيرة، وبخاصة حين صدر الأمر الملكي من قبلُ بتعيينه سفيراً في جمهورية لبنان إلا أن هذا الرجل منذ عقود وهو يسعى جاهداً لخدمة وطنه ومليكه في حقول متعددة؛ فهو دبلوماسي وإعلامي ورجل تعليم، وحين تأتيه فسحة من الوقت يقترب من عشه الأدب؛ فهو شاعر أصدر العديد من الدواوين، وصدرت عنه أكثر من دراسة تؤكد حضوره الأدبي. وهذه بعض المعلومات عن شخصيته وبعض المحطات في مسيرته من خلال لقاء تلفزيوني أجري معه.

مكة المكرمة زادت من مسؤوليتي

حين سأل مقدم برنامج روافد بقناة العربية الفضائية أحمد علي الزين وزير الثقافة والإعلام السعودي عبدالعزيز خوجه كيف استطاع أن يجمع بين الكيمياء والسياسة وبين الشعر والكيمياء أجاب: هي رحلة حياة وتراكم, ربما تراكم معرفة وتراكم ثقافة من هنا وهناك، الشعر ربما ولد معي ثم صُقل بالمعرفة وبالقراءة.. الكيمياء دخلتها كطالب في كلية العلوم كنوع من طلب المعرفة, والمعرفة لها أبواب لا أستطيع أن أقرأها بنفسي.

وعن نشأته تحدث خوجه لمقدم برنامج روافد في العربية تعليقا على مداخلة أحمد علي الزين التي قال فيها: ولد عبدالعزيز الخوجة سنة 1942م في مكة حيث بدأت خطواته الأولى في تلك المدينة المقدسة, تعلم في مدارسها وعلى علمائها, وجال في حرمها وبين نخيلها وأشبع بطقوسها, فماذا يعني أن يولد الإنسان وينشأ في مكان كهذا ببعده التاريخي والديني والطقوسي, ويتفتح على ذلك المشهد اليومي في العبادات والتعبير, أي أسئلة تبدأ معه وأي حمل يمثله هذا الانتماء؟

أجاب خوجه على هذه الوقفة مع نشأته المكية قائلاً: أنا أولاً محظوظ لأني ولدت في مكة المكرمة, لكن أيضاً طبيعتي ربما كانت دائماً تطرح عليَّ الكثير من الأسئلة, تشعرني أحياناً كثيرة بلحظات رهبة حقيقية, حينما أتذكر أنه كان هنا سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - يمشي, هنا بُعث, هنا وُلد, هنا الصحابة, هنا بداية الرسالة، هنا بداية النور, أذهب إلى جبل النور وغار حراء وجنب الحرم المكي الشريف.. هذه كلها، كل شبر في هذه المدينة يعني لي الشيء الكثير.

أحمد علي الزين: تحسّ بهذا العبء التاريخي عليك وأنت قادم من هذه المدينة؟

عبدالعزيز خوجه: بلا شك.

أحمد علي الزين: هذا العبء ألا يشكل نوعاً من التفكير أو الأسئلة؟

عبدالعزيز خوجة: ما فيه شك, وهذه الأسئلة ربما لا تنبعث عند كل واحد, لكن بالنسبة لنا تنبعث ونعرف حقيقتها بسهولة.

أحمد علي الزين: سعادة السفير.. أنت مثلك مثل كل أبناء ذلك الجيل, كانت النافذة متاحة آنذاك على العالم في الكتاب, ما الكتاب الذي أقلق فيك الإنسان وطرح عليك سؤالاً جديداً غير النص الديني وغير النصوص المقدسة.

عبدالعزيز خوجة: نحن كنا في مكة ما عندنا مجال للاطلاع إلا الكتاب, مكونات السنين الأولى هي كتب التراث, ثم اطلعنا بعد ذلك على العلوم الحديثة والكتب الحديثة والفلسفة الحديثة؛ فكنا نتلقف أي كتاب يجيء من الخارج، سواء من القاهرة أو من بيروت أو من الشام أو من أي جهة.. كنا أول المتلقفين, وكنا مع الكثير من الزملاء نتبادل هذه الكتب فيما بيننا، وهناك فرصة للحوار.

قلبي وقلبك علمان..

في عشقنا كشف لأستار التجلي..

لا تقولي قد رحلنا في الزمان..

في لحظة اللقيا تماهى كل شيء وانتهى في كل شيء..

من نقطة الصفر الملفع بالبدايات البريئة..

حيث كنا مثل عصفورين في أعلى الجنان..

طرنا وعدنا للبداية في المكان..

لو كان هذا البحر يذخر بالمداد..

لما استطعت لأكمل البيت العزيز من القصيدة..

لم أفهم المعنى وهل أرقى..

ولو كنت المعنى ما عرفنا قد نفد..

لكنه دام الهوى وعرفت أنك في دمي أنت الوحيدة..

أحمد علي الزين: كما يقال سعادة السفير إن العرب معظمهم يولدون شعراء؛ فمَن اكتشف الشاعر فيك؟

عبدالعزيز خوجه: هو الذي يكتشف نفسه, حينما يكتشف فجأة القمر, يعني حينما يكتشف ويشوف فيه شيئاً, أنا كنت مع زملائي في نفس السن أشوف وردة مثلاً فأنبهر من منظرها, هم يمرون عليها مرور الكرام ما يحسون بها, أو أشاهد منظراً.. بمعنى أن الشاعر يكتشف نفسه ويحس بأنه يرى الأشياء التي لا يراها مَن حوله؛ فهناك زوايا في الكون ما يشوفها غيره؛ فيفرح, أنا أفرح وأحس بأني أفرح أني شفت شي واكتشفت شي ولي عين غير عيون الآخرين؛ فهذه ما فيها شك تخلي الإنسان يكتشف ويقول مين أنا..

أنا الهيام في كون بلا عنوان..

أنا الربان في أفق بلا شطآن..

أنا ماض أنا آت بلا أزمان..

أنا رفات نورسة على طوفان..

كأني فوق أجنحة الربيع..

تقلبني ولا أشكو تباريحي..

وتمخر بي إلى جرحي وتجريحي..

كأني أمتطي شوقي على روحي..

على الأبواب كم ضلت مفاتيحي..

فما ردوا وما حنوا لتلويحي..

أحمد علي الزين: طبعاً الرحلة الأطول في بداية الدراسة كانت إلى لندن, حيث درست مثلما ذكرت الكيمياء وحصلت على شهادة الدكتوراه, لا بد أن في لندن كانت هناك أسئلة جديدة, هل هذه الأسئلة الجديدة أطلقت بعض اليقينيات عندك؟

عبدالعزيز خوجه: ما فيه شك أنني اطلعت على حضارة جديدة ربما كانت هناك صدمة ثقافية كبيرة جداً ما بين عالمين مختلفين, لكن شوف أنا أقول لك ميزة الإنسان في مكة أنه يتأقلم.. لماذا؟ لأننا نلتقي بثقافات مختلفة وبحضارات مختلفة ووجوه مختلفة, وهذه تجعلنا نعرف ثقافة الآخرين وحضارة الآخرين, لأول وهلة طبعاً التعامل مع حضارة جديدة فيه حذر وفيه خوف وفيه الكثير من الأشياء ربما المضحكة التي مرت علينا لكنها ما دخلت في اليقينيات.

أحمد علي الزين: ما زعزعت.. عبدالعزيز خوجه..

عبدالعزيز خوجه: فتحت لي آفاقاً جديدة في الكون, عن وحدة الكون وجمال الكون وارتباط الكون كله مع بعضه البعض.. وتحسب أنك جرم صغير وفيك العالم الأكبر.

مؤهلات وإنجازات

- يحمل شهادة بكالوريوس في الكيمياء والجيولوجيا من جامعة الرياض وشهادة دكتوراه في الكيمياء من جامعة برمنغهام - إنجلترا 1970م.

- أستاذ الكيمياء في كلية التربية بمكة المكرمة وعيّن عميداً لها ومشرفاً عاماً على الجامعة بمكة المكرمة، كما درّس في جامعة الملك عبدالعزيز.

- تولى منصب وكيل وزارة الإعلام للشؤون الإعلامية وقام بأعمال مدير عام جهاز تلفزيون الخليج.

- ترأس عدة مجالس، منها المجلس التنفيذي لمنظمة إذاعات الدول الإسلامية والمجلس التنفيذي لوكالة الأنباء الإسلامية، وعدد من المؤتمرات الإعلامية، إضافة إلى كونه عضواً في مجالس عديدة.

- كان سفيراً لوطنه في الشرق والغرب؛ فقد عُيّن سفيراً للمملكة في عدد من الدول: تركيا 1986 - 1992، روسيا الاتحادية 1992 - 1996، المملكة المغربية 1996 - 2004، وفي لبنان. وتعتبر محطة لبنان المحطة الأهم في مسيرته الدبلوماسية، حيث إن المجتمع اللبناني طغت على سطحه مناوشات ومناقشات سياسية ساخنة تبعتها مناوشات مسلحة، ولا سيما في الفترة التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، وفي ظل هذه الظروف الصعبة كان الخوجة متميزاً في عمله وقام بأدوار كبيرة تمثل توجيهات القيادة السعودية.

شهادة من لبنان

لعل من الأدلة على الدور الكبير الذي قام به خوجه في لبنان ممثلاً السياسة الخارجية السعودية القائمة على احترام الآخر، وعدم التدخل في خصوصيات الآخر إلا بما يجمع الشمل ويوحد الصفوف، ما قاله الشيخ سعد الحريري رئيس كتلة تيار المستقبل النيابية: إن الدور الذي يقوم به معالي سفير المملكة العربية السعودية في لبنان عبدالعزيز خوجه يجسد الدور الأخوي البناء الذي ينطلق من تحسس عربي أصيل وشعور قومي بالمسؤولية، في مدِّ يدِ المساعدة للبنانيين ومعاملتهم كإخوة، وحثهم المتواصل على تجاوز خلافاتهم وتقريب وجهات نظرهم لإنهاء الأزمة التي يتخبط بها بلدهم والعبور بلبنان نحو بر الأمان.

إن معالي السفير خوجه يعبر من كل تحركاته ومواقفه، بصدق وأمانة، عن توجهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وعن سياسة المملكة العربية السعودية والثوابت التي كرستها طوال السنين الطويلة الماضية، وكانت مثالاً للحرص على استقرار لبنان ومساعدته في مواجهة كل التحديات.

إن اللبنانيين من مختلف الأطياف السياسية يقدرون الدور الذي يقوم به معالي السفير خوجه ويدركون جيداً أن المملكة ستبقى إلى جانب لبنان وشعبه وأن معالي السفير خوجه يشكل علامة مضيئة إضافية من علامات العلاقات المميزة بين لبنان والسعودية.

إن بعض الأصوات الشاذة التي تحاول أن تتعرض لمعالي السفير ولدور المملكة العربية السعودية بين الحين والآخر، هي أصوات مستنكرة ومحل إدانة من كل المخلصين الذين يعرفون جيداً الدوافع الأمينة والنبيلة لمعالي السفير خوجه وحكومة المملكة.

مؤلفات خوجه

له بعض المؤلفات العلمية في الكيمياء وميكانيكية التفاعل كما صدر له عدة دواوين شعرية، منها: ديوان (حنانيك)، ديوان (عذاب البوح)، ديوان (بذرة المعني)، ديوان (حلم الفراشة)، ديوان (الصهيل الحزين)، ديوان (إلى من أهواه)، ديوان (أسفار الرؤيا)، ديوان (قصائد حب)، (ديوان عبدالعزيز خوجه)، ديوان (مئة قصيدة للقمر)، ديوان (رحلة البدء والمنتهى).

وصدر عنه وعن شعره أكثر من مؤلف بينها: (القيم الروحية والإنسانية في شعر عبدالعزيز محيي الدين خوجة)، (من السلوكي إلى الإشراقي في قصيدة أسفار الرؤيا للشاعر عبدالعزيز محيي الدين خوجة)، (رحلة العشق والقلق في شعر عبدالعزيز خوجه)، (تقنيات التعبير عند عبدالعزيز خوجه).

مختارات عبدالعزيز خوجه

إسراء الخلاص، وقراءة في ديوان عبدالعزيز خوجه (أيام معه)، دراسات نقدية للأستاذة غرية الشيخ، دراسة نقدية للأستاذة إيمان البقاعي.

يوسف العتيق



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد