Al Jazirah NewsPaper Monday  16/02/2009 G Issue 13290
الأثنين 21 صفر 1430   العدد  13290
لما هو آت
شاركوهم... (4)
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

ونواصل: لا تتخيلوا كم هو قاس على شاب أن يمد يده ليطلب نقوداً من أبيه أو أمه وخاصة عندما يكون أبوه ممن يسأله ماذا فعل بعشرة ريالات أعطاه إياها بالأمس..؟.. كما لا تتخيّلي حرج شاب يضطر لأن يمد يد مساعدة لزميل محتاج ولا تكون بيده قروش لذلك, فيقدم عوضاً عنها اعتذاراته أو يداري عن زميله المحتاج له وجهه.. فالعمل حصانة للإنسان أليس كذلك سيدتي الوالدة..؟.. ثم أيضاً لا تنسي معي بأن من الوالدين من لا تمثل لهم مصاريف أبنائهم كثرت أو قلت أي حرج، ومنهم من تزيده رهقاً.., وهناك من تسبب لهم ضائقة مالية من ذوي الدخل المحدود، صدقيني خالتي بأنني أعرف زملاء تضطرهم حاجاتهم المادية نفسياً للاتجاه الخاطئ، ولا تنسي من نسمع بانحرافهم أو هروبهم أو أمراضهم النفسية، هناك أشياء تحدث لنا عندما نصل لسن المراهقة أولها التمرد على فكرة أننا لا نزال صغاراً، وإحساسنا بأننا كبرنا، أول مؤشراته ودلائله عندنا أن نبرهن لأنفسنا قبل أن يبرهن لنا الآخرون هو عدم حاجتنا لأحد, والله قاسية لحظة انتظار أبي أو أمي لمد اليد لي بمصروفي.. تأكدي أن من الضرورة أن تنزاح عنا هذه الهموم فإذا أتيحت لنا فرص العمل المبدئي ننمي قدراتنا ونعزز ثقتنا في أنفسنا وتقوى لدينا الطموحات ويتعزز فينا الإحساس بالمسؤولية، أعرف يا خالتي صديقاً مصرياً يعمل في مصنع نسيج هو وبعض زملائه بعد المدرسة لأن المصنع يبرمج أوقات العمل فيه على ثلاث فترات في اليوم وجميع من يعمل فيه من ذوي الحاجة، لكن معنوياته أعلى بكثير من معنوياتنا لأنه عندما يتحسس جيبه يجد ما فيه من عرقه.., موضوع آخر هو متابعة مراحل نمونا وما نتعرض فيها للتقلبات النفسية والذهنية نكون فيها عرضة لأي رياح ولأي موجات، لا نجدها إلا امتداداً لكل السنوات التي طافت بنا، لا نزال فيها الأطفال الذي لا حوار معنا فكل أمر مطلوب منا بالأمر، افعل ولا تفعل، نعم ,لا, تحرك واجلس، موافق ولا أوافق دون مبررات نتلقى ما يريد منا الأب والأم والمدير والمعلم.. تجدين الكثير من التناقض في شخصياتنا, فمن تدلل أصبح يأمر وينهي حتى في الشارع ويرفع صوته ويقل أدبه، ومن قاسى قسوة في التعامل معه إما أصبح انطوائياً أو تمرد على غير جادة..

ياه يا خالتي لو تفتحين صدور الشباب منا بل اذهبي لدراسة من هم في بدايته من الحائرين بين طفولة ونضج..

بصراحة نحتاج لمن يسمعنا همومنا تفوق موضوعات التعامل والإتكالية وهدر الوقت الطويل في المدرسة والنتيجة خبرات لا تتناسب كثيراً مع زمننا، مشكلتنا الأكبر هذه التيارات العنيفة التي توجه موجاتها لنا في كل لحظة في الفضائيات وكأننا قد انفتحنا على محيطات المياه العالمية ونحن عزل وستغرقنا ما لم تفعلوا شيئاً لا لا أشياء من أجلنا..)..

لم ينته بعد ابن صديقتي الذي أبهرتني قدرته على التعبير، كنت أطمئنه بأن وجود مثله بهذا الوعي يزيل بعض الدكن الذي لحق بي وأنا أصغي له، ويزيح هماً كدرني، لكنه قال: (ربما لأنني يا خالتي وجدت حصانة من أبويَّ إذ أحاطاني بوعيهما وسترا بيني وبين الهوة)...

والموضوع ليس لإلقائه للريح، أو لطيه مع الصحيفة بعد الفراغ منها، إنه مادة أساس لذوي العلاقة.

(نواصل)




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد