Al Jazirah NewsPaper Wednesday  18/02/2009 G Issue 13292
الاربعاء 23 صفر 1430   العدد  13292
أضواء
تحريك مبادرة خادم الحرمين لتنظيف البيت العربي
جاسر عبدالعزيز الجاسر

 

عاد التوقد لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الكويت الاقتصادية التي تمثلت في إطلاق الملك عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة ما يمكن تسميتها بـ(مبادرة غسل القلوب).. فالملك وجد - وهو على حق- أن سبب تفشي الخلافات العربية وما أفرزته سلبياً على العمل العربي المشترك هو تورط القادة العرب في هذه الخلافات التي تكاد تكون خلافات ناشئة بين الزعماء أنفسهم، وبين الأنظمة العربية مع بعضها البعض. والدليل أنه ورغم وصول الخلافات العربية العربية إلى مستوى مقلق وخطير قبل مبادرة خادم الحرمين الشريفين، إلا أن المجتمعات العربية كانت ولا تزال متوائمة مع بعضها البعض مجسدة المفهوم القومي بأن العرب شعب واحد.. وما التصنيفات القطرية إلا حالة وقتية فرضتها خضوع أغلب الدول العربية للاستعمار والهيمنة، وعبث القوى الاستعمارية والإقليمية، وتمزيقها للوطن العربي وتقسيمه إلى أقطار يسهل السيطرة عليها. وهو ما تريده هذه القوى، سواء القوى الدولية الكبرى التي كانت تنتهج النظام الاستعماري للسيطرة على الشعوب، وكذا القوى الإقليمية التي سيطرت وفي حقبات من التاريخ على المنطقة العربية، وتحت ستار التحالف ضد الإمبريالية وقوى الاستكبار والغطرسة، أخذت تدس أنفها في الشؤون الداخلية العربية.

وبما أن التحالف من خلال تفضيل فريق على آخر يعني دعم ومساندة الفريق الذي يؤمن بما تطرحه من أفكار ويعمل على تنفيذها، فمعنى ذلك أن العمل ضد الفريق الآخر الذي لا يتفق معك في أطروحاتك الفكرية وتوجهاتك السياسية.. وهذا ما سيؤدي إلى تقسيم المجتمع الواحد.. من ثم المنظومة القومية الواحدة إلى فريقين.. فريق يرتبط بتحالفات مع قوى إقليمية لها مصالحها وأجندتها.. وفريق يتعرض لتشويه مواقفه، وحتى تخريب سلمه الاجتماعي، وأمنه الوطني. وهنا تحصل حالة الصدام بين أبناء المنظومة الواحدة، وتستشري الخلافات بينهم، وهو ما حصل بين الدول العربية، والسبب هو التدخلات الأجنبية سواء من القوى الإقليمية أو الدولية، التي ساعدت الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية على جعلها جزءاً من ثقافة وسلوك بعض القيادات العربية إضافة إلى انخراط العديد من الأحزاب والجماعات التي أوجدتها الانتماءات الطائفية، وقد استفادت الجماعات والأحزاب الطائفية من الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق فزادت من قوتها وساعدت قوى إقليمية مجاورة إلى تعزيز نفوذها في العراق، مثلما استفادت هذه القوى من دعم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتشجيعه على مد عدوانه على لبنان ليصبح لتلك القوى الإقليمية وجود قوي ونفوذ، من خلال استثمار وتوظيف التحالف مع الجماعات وحتى الأنظمة التي انساقت مع أفكارها ومخططاتها التي تسعى إلى استعادة نفوذها ودورها الماضي والذي أزاحته الفتوحات الإسلامية في العصر الإسلامي الزاهر، وصدته الدول العربية في عهود الاستقلال والنهضة العربية.

إذن الفرقة والخلافات العربية التي ستكون الممر والوسيلة لضعف العرب وتشتيت قواها وهي (القنطرة) التي تجتازها قوى الاحتلال لفرض سيطرتها وهيمنتها على العرب، وهو ما ظهر بوضوح في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

ولذلك كان إطلاق خادم الحرمين الشريفين لمبادرته في إنهاء الخلافات وإعادة اللحمة للصف العربي قد جاءت نتيجة قراءة متمعنة ونظرة فاحصة، والتي وجدت استجابة فورية وصادقة من القادة العرب، إلا أن (توقد المبادرة) فرض تحدياً واختراقاً لمعسكر الأعداء من كلا القوتين المعاديتين، القوى الإقليمية والدولية، مما جعلهما تحاولان التشويش على المبادرة، وهكذا لاحظنا تردداً، وتلكؤاً.. بل وحتى محاولات تراجع وتنصل، وشكل استمرار الخلاف الفلسطيني- الفلسطيني أكبر اختراق للأعداء، وأقوى تحد للوئام العربي، إلا أن الذي يتصدى للمهام الجسام يستطيع تخطي الصعاب وصولاً إلى تحقيق الأهداف، فقد تعاملت القيادات العربية المعنية بمعالجة الخلافات العربية، بروية وبهدوء دون ردود فعل انفعالية، وبعد أن هيأت الأرضية التي تسمح بتحقيق مبادرة خادم الحرمين الشريفين، ورفدها بعوامل النجاح التي تكفل تعامل وتفاعل كل القيادات العربية أو تلك المؤثرة من خلال دعمها لوحدة الموقف العربي.. إذ يرى المتابعون للأوضاع العربية في عودة الاتصالات السعودية- السورية واستقبال عاصمتي البلدين لمبعوثين عاليي المستوى، وبدء التحرك لمعالجة الخلافات العربية، وقد مهدت هذه الاتصالات لأمين الجامعة العربية بأن يبدأ التحرك لتفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين، وبدأ الخطوات العملية لتصفية الخلافات العربية.. وقد حل في دمشق أمس الثلاثاء بعد أن وصلها مساء الاثنين، كما أن زيارة العاهل الأردني للمملكة يرى فيها المتابعون رفد وضخ جهود عربية إضافية لدعم مبادرة لمّ البيت العربي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد